و قال تعالى (فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ) الآية ١٧ من البقرة المارة وقال جل قوله (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) الآية ٥ من سورة يونس ج ٢، لأن نور القمر لا ينتشر مثل ضوء الشّمس، لا سيما في طرفين، وهذا يدل على أن نور القمر مستفاد من الشّمس في مقابلة المضيء منها، لأن اختلاف تشكلات القمر بالبعد والقرب من الشّمس مع خسوفه وقت حيلولة الأرض بينه وبينها دليل بان نورها فائض عليه، وهذا من معجزات القرآن لأن في عهد نزوله لا يوجد من يعرف ذلك، ولهذا قالت الفلاسفة أيضا ما يكون للشمس من ذاته والنّور ما يفيض عليه من مقابلتها، وهذه الدّلالة ظنية، وهي أحد أقسام الخمس اليقينات التي أشرنا إليها في الآية ٤٣ من سورة النّساء المارة.
هذا ومن قال ان هذا المثل ضربه اللّه لنبيه صلّى اللّه عليه وسلم وقال المشكاة صدره والزجاجة قلبه والمصباح
ثبوّته فليس بشيء، وهو منقول عن كعب الأحبار وأضرابه، وانما لم يعتمد على نقل كعب هذا لأنه غالبا ينقل عن التوراة لكثرة تبحره فيها، فيظن من ليس له خبرة بالأحاديث والسّير أنه ينقل عن حضرة الرّسول، وهو رحمه اللّه لم يشاهد الرسول صلّى اللّه عليه وسلم لأن إسلامه كان زمن عمر رضي اللّه عنه، وكلّ ما قيل فيه من تشبيه كعب أو غيره فهو فوقه قال ابن رواحه :
لو لم يكن فيه آيات مبينة كانت بداهته تنبيك عن خبره
وقال الأبوصيري :
لو ناسبت قدره آياته عظما أحيا اسمه حين يدعى دارس الرّمم
فما تطاول آمال المديح إلى ما فيه من كرم الأخلاق والشّيم
أيمدح من أثنى الإله بنفسه عليه فكيف المدح من بعد ينشأ
إلى آخر ما قال في بردته وهمزيته اللّتين لم يمدح بأحسن منهما كما قيل.