﴿ الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (٢) ﴾
فيه اثنان وعشرون مسألة :
الأولى : قوله تعالى :﴿ الزانية والزاني ﴾ كان الزّنَى في اللغة معروفاً قبل الشرع، مثل اسم السرقة والقتل.
وهو اسمٌ لوطء الرجل امرأة في فرجها من غير نكاح ولا شبهة نكاح بمطاوعتها.
وإن شئت قلت : هو إدخال فرج في فرجٍ مشتهًى طبعاً محرّمٍ شرعاً ؛ فإذا كان ذلك وجب الحدّ.
وقد مضى الكلام في حدّ الزنى وحقيقته وما للعلماء في ذلك.
وهذه الآية ناسخة لآية الحبس وآية الأذى اللتين في سورة "النساء" باتفاق.
الثانية : قوله تعالى :﴿ مِئَةَ جَلْدَةٍ ﴾ هذا حدّ الزاني الحر البالِغ البكر، وكذلك الزانية البالغة البكر الحرّة.
وثبت بالسُّنّة تغريب عامٍ ؛ على الخلاف في ذلك.
وأما المملوكات فالواجب خمسون جلدة ؛ لقوله تعالى :﴿ فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب ﴾ [ النساء : ٢٥ ] وهذا في الأَمَة، ثم العبدُ في معناها.
وأما المُحْصَن من الأحرار فعليه الرّجْم دون الجلد.
ومن العلماء من يقول : يجلد مائة ثم يُرْجَم.
وقد مضى هذا كله ممهَّداً في "النساء" فأغنى عن إعادته، والحمد لله.
الثالثة : قرأ الجمهور "الزَّانِيَةُ والزّانِي" بالرفع.
وقرأ عيسى بن عمر الثَّقَفِيّ "الزانيةَ" بالنصب، وهو أوجه عند سيبويه ؛ لأنه عنده كقولك : زيداً اضرب.
ووجه الرفع عنده : خبر ابتداء، وتقديره : فيما يتلى عليكم ( حكم ) الزانية والزاني.
وأجمع الناس على الرفع وإن كان القياس عند سيبويه النصب.


الصفحة التالية
Icon