فصل
قال الفخر :
﴿ سُورَةٌ أَنْزَلْنَاهَا وَفَرَضْنَاهَا وَأَنْزَلْنَا فِيهَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (١) ﴾
قرأ العامة ( سورة ) بالرفع، وقرأ طلحة بن مصرف بالنصب، أما الذين قرأوا بالرفع فالجمهور قالوا الابتداء بالنكرة لا يجوز، والتقدير هذه سورة أنزلناها، أو نقول سورة أنزلناها مبتدأ موصوف، والخبر محذوف أي فيما أوحينا إليك سورة أنزلناها، وقال الأخفش لا يبعد الابتداء بالنكرة فسورة مبتدأ وأنزلنا خبره، ومن نصب فعلى معنى الفعل، يعني اتبعوا سورة أو أتل سورة أو أنزلنا سورة، وأما معنى السورة ومعنى الإنزال فقد تقدم، فإن قيل الإنزال إنما يكون من صعود إلى نزول، فهذا يدل على أنه تعالى في جهة، قلنا : الجواب من وجوه : أحدها : أن جبريل عليه السلام كان يحفظها من اللوح المحفوظ ثم ينزلها عليه ﷺ، فلهذا جاز أن يقال أنزلناها توسعاً وثانيها : أن الله تعالى أنزلها من أم الكتاب في السماء الدنيا دفعة واحدة ثم أنزلها بعد ذلك نجوماً على لسان جبريل عليه السلام وثالثها : معنى ﴿أنزلناها﴾ أي أعطيناها الرسول، كما يقول العبد إذا كلم سيده رفعت إليه حاجتي، كذلك يكون من السيد إلى العبد الإنزال قال الله تعالى :﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الكلم الطيب والعمل الصالح يَرْفَعُهُ﴾ [ فاطر : ١٠ ].
أما قوله :﴿وفرضناها﴾ فالمشهور قراءة التخفيف، وقرأ ابن كثير وأبو عمرو بالتشديد.