الخوارج أنكروا الرجم واحتجوا فيه بوجوه : أحدها : قوله تعالى :﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات﴾ [ النساء : ٢٥ ] فلو وجب الرجم على المحصن لوجب نصف الرجم على الرقيق لكن الرجم لا نصف لها وثانيها : أن الله سبحانه ذكر في القرآن أنواع المعاصي من الكفر والقتل والسرقة، ولم يستقص في أحكامها كما استقصى في بيان أحكام الزنا، ألا ترى أنه تعالى نهى عن الزنا بقوله :﴿وَلاَ تَقْرَبُواْ الزنى﴾ [ الإسراء : ٣٢ ] ثم توعد عليه ثانياً بالنار كما في كل المعاصي، ثم ذكر الجلد ثالثاً ثم خص الجلد بوجوب إحضار المؤمنين رابعاً، ثم خصه بالنهي عن الرأفة عليه بقوله :﴿وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِى دِينِ الله﴾ خامساً، ثم أوجب على من رمى مسلماً بالزنا ثمانين جلدة، وسادساً، لم يجعل ذلك على من رماه بالقتل والكفر وهما أعظم منه، ثم قال سابعاً :﴿وَلاَ تَقْبَلُواْ لَهُمْ شَهَادَةً أَبَداً﴾ ثم ذكر ثامناً من رمى زوجته بما يوجب التلاعن واستحقاق غضب الله تعالى ثم ذكر تاسعاً أن ﴿الزانية لاَ يَنكِحُهَا إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ﴾ [ النور : ٣ ]، ثم ذكر عاشراً أن ثبوت الزنا مخصوص بالشهود الأربعة فمع المبالغة في استقصاء أحكام الزنا قليلاً وكثيراً لا يجوز إهمال ما هو أجل أحكامها وأعظم آثارها، ومعلوم أن الرجم لو كان مشروعاً لكان أعظم الآثار فحيث لم يذكره الله تعالى في كتابه دل على أنه غير واجب وثالثها : قوله تعالى :﴿الزانية والزانى فاجلدوا﴾ يقتضي وجوب الجلد على كل الزناة، وإيجاب الرجم على البعض بخبر الواحد يقتضي تخصيص عموم الكتاب بخبر الواحد، وهو غير جائز.