لأن الكتاب قاطع في متنه، وخبر الواحد غير قاطع في متنه، والمقطوع راجح على المظنون، واحتج الجمهور من المجتهدين على وجوب رجم المحصن لما ثبت بالتواتر أنه عليه الصلاة والسلام فعل ذلك، قال أبو بكر الرازي روى الرجم أبو بكر وعمر وعلي وجابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وبريدة الأسلمي وزيد بن خالد في آخرين من الصحابة وبعض هؤلاء الرواة روى خبر رجم ماعز وبعضهم خبر اللخمية والغامدية وقال عمر رضي الله عنه : لولا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لأثبته في المصحف.
والجواب : عما احتجوا به أولاً أنه مخصوص بالجلد.
فإن قيل فيلزم تخصيص القرآن بخبر الواحد قلنا بل بالخبر المتواتر لما بينا أن الرجم منقول بالتواتر، وأيضاً فقد بينا في أصول الفقه أن تخصيص القرآن بخبر الواحد جائز والجواب : عن الثاني أنه لا يستبعد تجدد الأحكام الشرعية بحسب تجدد المصالح فلعل المصلحة التي تقضي وجوب الرجم حدثت بعد نزول تلك الآيات والجواب : عن الثالث أنه نقل عن علي عليه السلام أنه كان يجمع بين الجلد والرجم وهو اختيار أحمد وإسحق وداود واحتجوا عليه بوجوه : أحدها : أن عموم هذه الآية يقتضي وجوب الجلد والخبر المتواتر يقتضي وجوب الرجم ولا منافاة فوجب الجمع وثانيها : قوله عليه السلام :
" البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة " وثالثها : روى أبو بكر الرازي في أحكام القرآن عن ابن جريج عن ابن الزبير عن جابر " أن رجلاً زنى بامرأة فأمر النبي ﷺ فجلد ثم أخبر النبي ﷺ أنه كان محصناً فأمر به فرجم " ورابعها : روي أن علياً عليه السلام جلد شراحة الهمدانية ثم رجمها وقال جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.