وبالتغريب تخرج المرأة من أيدي القرباء والحفاظ، ثم يقل حياؤها لبعدها عن معارفها فينفتح عليها باب الزنا، فربما كانت فقيرة فيشتد فقرها في السفر، فيصير مجموع ذلك سبباً لفتح باب هذه الفاحشة العظيمة عليها.
ولا جائز أن يقال إنا نغربها مع الزوج أو المحرم، لأن عقوبة غير الجاني لا تجوز لقوله تعالى :﴿وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أخرى﴾ [ الأنعام : ١٦٤ ] وسادسها : ما روي عن عمر أنه غرب ربيعة بن أمية بن خلف في الخمر إلى خيبر فلحق بهرقل، فقال عمر لا أغرب بعدها أحداً ولم يستثن الزنا.
وروي عن علي عليه السلام أنه قال في البكرين إذا زنيا يجلدان ولا ينفيان وإن نفيهما من الفتنة، وعن ابن عمر أن أمة له زنت فجلدها ولم ينفها، ولو كان النفي معتبراً في حد الزنا لما خفي ذلك على أكابر الصحابة وسابعها : ما روي "أن شيخاً وجد على بطن جارية يحنث بها في خربة فأتى به إلى النبي ﷺ فقال اجلدوه مائة، فقيل إنه ضعيف من ذلك فقال خذوا عثكالاً فيه مائة شمراخ فاضربوه بها وخلوا سبيله".
ولو كان النفي واجباً لنفاه، فإن قيل إنما لم ينفه لأنه كان ضعيفاً عاجزاً عن الحركة، قلنا كان ينبغي أن يكتري له دابة من بيت المال ينفى عليها.
فإن قيل كان عسى يضعف عن الركوب، قلنا من قدر على الزنا كيف لا يقدر على الاستمساك! وثامنها : أن التغريب نظير القتل لقوله تعالى :﴿أَنِ اقتلوا أَنفُسَكُمْ أَوِ اخرجوا مِن دياركم﴾ فنزلهما منزلة واحدة، فإذا لم يشرع القتل في زنا البكر وجب أن لا يشرع أيضاً نظيره وهو التغريب.
والجواب : عن الأول أنه ليس في كلام الله تعالى إلا إدخال حرف الفاء على الأمر بالجلد، فأما أن الذي دخل عليه هذا الحرف فإنه يسمى جزاء، فليس هذا من كلام الله ولا من كلام رسوله، بل هو قول بعض الأدباء فلا يكون حجة.