﴿يانساء النبي مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بفاحشة مُّبَيّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا العذاب ضِعْفَيْنِ﴾ [ الأحزاب : ٣٠ ] فلما كانت نعم الله تعالى في حقهن أكثر كان العذاب في حقهن أكثر، وقال في حق الرسول :﴿لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلاً * إِذًا لأذقناك ضِعْفَ الحياة وَضِعْفَ الممات﴾ [ الإسراء : ٧٤، ٧٥ ] وإنما عظمت معصيته لأن النعمة في حقه أعظم وهي نعمة النبوة، ومن المعلوم أن نعم الله تعالى في حق المسلم المحصن أكثر منها في حق الذمي، فكانت معصية المسلم أعظم فوجب أن تكون عقوبته أشد وثانيها : أن الذمي لم يزن بعد الإحصان فلا يجب عليه القتل بيان الأول : قوله عليه السلام :" من أشرك بالله طرفة عين فليس بمحصن " بيان الثاني : أن المسلم الذي لا يكون محصناً لا يجب عليه القتل لقوله عليه السلام :" لا يحل دم امرىء مسلم إلا لإحدى ثلاث " وإذا كان المسلم كذلك وجب أن يكون الذمي كذلك لقوله عليه السلام :" إذا قبلوا عقد الجزية فأعلمهم أن لهم ما للمسلمين وعليهم ما على المسلمين " وثالثها : أجمعنا على أن إحصان القذف يعتبر فيه الإسلام، فكان إحصان الرجم والجامع ما ذكرنا من كمال النعمة والجواب : عن الأول أنه خص عنه الثيب المسلم فكذا الثيب الذمي، وما ذكروه من حديث زيادة النعمة على المؤمنين فنقول نعمة الإسلام حصلت بكسب العبد فيصير ذلك كالخدمة الزائدة، وزيادة الخدمة إن لم تكن سبباً للعذر فلا أقل من أن لا تكون سبباً لزيادة العقوبة، وعن الثاني لا نسلم أن الذمي مشرك سلمناه، لكن الإحصان قد يراد به التزوج لقوله تعالى :﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات﴾ [ النور : ٤٠ ] وفي التفسير :﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ [ النساء : ٢٥ ] يعني فإذا تزوجن إذا ثبت هذا فنقول الذمي الثيب محصن بهذا التفسير فوجب رجمه لقوله ﷺ أو زنا بعد إحصان رتب الحكم في حق المسلم على هذا الوصف فدل على كون الوصف علة والوصف قائم


الصفحة التالية
Icon