في حق الذمي فوجب كونه مستلزماً للحكم بالرجم وعن الثالث أن حد القذف لدفع العار كرامة للمقذوف، والكافر لا يكون محلاً للكرامة وصيانة العرض بخلاف ما ههنا، والله أعلم، أما ما يتعلق بالجلد ففيه مسائل :
المسألة الأولى :
اتفقوا على أن الرقيق لا يرجم واتفقوا على أنه يجلد، وثبت بنص الكتاب أن على الإماء نصف ما على المحصنات من العذاب، فلا جرم اتفقوا على أن الأمة تجلد خمسين جلدة، أما العبد فقد اتفق الجمهور على أنه يجلد أيضاً خمسين إلا أهل الظاهر فإنهم قالوا عموم قوله :﴿الزانية والزاني﴾ يقتضي وجوب المائة على العبد والأمة إلا أنه ورد النص بالتنصيف في حق الأمة، فلو قسنا العبد عليها كان ذلك تخصيصاً لعموم الكتاب بالقياس وأنه غير جائز، ومنهم من قال الأمة إذا تزوجت فعليها خمسون جلدة وإذا لم تتزوج فعليها المائة، لظاهر قوله تعالى :﴿فاجلدوا كُلَّ وَاحِدٍ مّنْهُمَا مِاْئَةَ جَلْدَةٍ﴾ وذكروا أن قوله :﴿فَإِذَا أُحْصِنَّ﴾ أي تزوجن
﴿فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى المحصنات مِنَ العذاب﴾ [ النساء : ٢٥ ].
المسألة الثانية :
قال الشافعي وأبو حنيفة رحمهما الله، الذمي يجلد، وقال مالك رحمه الله لا يجلد لنا وجوه : أحدها : عموم قوله :﴿الزانية والزاني﴾ وثانيها : قوله عليه السلام :" إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها " وقوله :" أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم " ولم يفرق بين الذمي والمسلم وثالثها : أنه عليه السلام رجم اليهوديين، فذاك الرجم إن من كان من شرع محمد ﷺ فقد حصل المقصود، وإن كان من شرعهم فلما فعله الرسول ﷺ صار ذلك من شرعه، وحقيقة هذه المسألة ترجع إلى أن الكفار مخاطبون بفروع الشرائع.


الصفحة التالية
Icon