وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ لَا يَخْتَلِفُونَ أَنَّ الذِّمِّيَّ يُقْطَعُ فِي السَّرِقَةِ، فَكَذَلِكَ فِي الزِّنَا ؛ إذْ كَانَ فِعْلًا لَا يُقَرُّ عَلَيْهِ، فَوَجَبَ أَنْ يُزْجَرَ عَنْهُ بِالْحَدِّ كَمَا وَجَبَ زَجْرُ الْمُسْلِمِ بِهِ، وَلَيْسَ هُوَ كَالْمُسْلِمِ فِي شُرْبِ الْخَمْرِ ؛ لِأَنَّهُمْ مُقِرُّونَ عَلَى التَّخْلِيَةِ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ شُرْبِهَا، وَلَيْسُوا مُقِرِّينَ عَلَى السَّرِقَةِ وَلَا عَلَى الزِّنَا.
وَاخْتُلِفَ فِيمَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا، فَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ :" إنْ أَكْرَهَهُ غَيْرُ سُلْطَانٍ حُدَّ، وَإِنْ أَكْرَهَهُ سُلْطَانٌ لَمْ يُحَدَّ ".
وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدٌ :" لَا يُحَدُّ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا " وَهُوَ قَوْلُ الْحَسَنِ بْنِ صَالِحٍ وَالشَّافِعِيِّ.
وَقَالَ زُفَرُ :" إنْ أَكْرَهَهُ سُلْطَانٌ حُدَّ أَيْضًا ".
وَأَمَّا الْمُكْرَهَةُ فَلَا تُحَدُّ فِي قَوْلِهِمْ جَمِيعًا.
فَأَمَّا إيجَابُ الْحَدِّ عَلَيْهِ فِي حَالِ الْإِكْرَاهِ فَإِنَّ أَبَا حَنِيفَةَ قَالَ الْقِيَاسُ أَنْ يُحَدَّ سَوَاءٌ أَكْرَهَهُ سُلْطَانٌ أَوْ غَيْرُهُ، وَلَكِنَّهُ تُرِكَ الْقِيَاسُ فِي إكْرَاهِ السُّلْطَانِ ".


الصفحة التالية
Icon