قال الفقيه الإمام القاضي : لإنه لم يبق من هذا حكمه إلا البكران واستدلوا على ذلك بقول النبي ﷺ " البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام "، وبقوله " على ابنك جلد مائة "، واستدلوا على أنها غير عامة بخروج الإماء والعبيد وغيرهم منها، وقد تقدم بسط كثير من هذه المعاني في سورة النساء، و" الجلد " يكون والمجلود قاعد، عند مالك ولا يجزىء عنده إلا في الظهر، وأصحاب الرأي والشافعي يرون أن يجلد الرجل وهو واقف وهو قول علي بن أبي طالب ويفرق الضرب على كل الأعضاء، وأشار ابن عمر بالضرب إلى رجلي أمة جلدها في الزنى والإجماع في تسليم الوجه والعورة والمقاتل، ويترجح قول مالك رحمه الله بقول النبي ﷺ " البينة أو حد في ظهرك "، وقول عمر : أو لأوجعن مثناك، ويعرى الرجل عند مالك والنخعي وأبي عبيدة بن الجراح وابن مسعود وعمر بن عبدالعزيز والحسن والشعبي وغيرهم يرون أن يضرب على قميص وهو قول عثمان بن مسعود أيضاً، وأما المرأة فتستر قولاً واحداً، وقرأ الجمهور " رأْفة " همزة ساكنة على وزن فعلة، وقرأ ابن كثير " رأَفة " على وزن فعَله بفتح العين، وقرأ عاصم أيضاً " رآفة " على وزن فعالة كسآمة وكآبة، وهذه مصادر أشهرها الأولى من رأف إذا أرق ورحم، وقرأ الجمهور " تأخذكم " بالتاء من فوق، وقرأ أبو عبد الرحمن " يأخذكم " بالياء من تحت واختلف الناس في الرأفة المنهي عنها فيم هي فقال أبو مجلز ولاحق بن حميد ومجاهد وعكرمة وعطاء هي في إسقاط الحد أي أقيموه، ولا بد وهذا تأويل ابن عمر وابن جبير وغيرهما ومن رأيهم أن الضرب في الزنا والفرية والخمر على نحو واحد، وقال قتادة وابن المسيب وغيرهما " الرأفة " المنهي عنها في تخفيف الضرب عن الزناة، ومن رأيهم أن يخفف ضرب الخمر والفرية، ويشتد ضرب الزنا، وقال سليمان بي يسار نهي عن الرأفة في الوجهين، وقال أبو مجلز إنا لنرجم المحدود ولكن لا نسقط الحد.


الصفحة التالية
Icon