فأما الجَلْد، فهو ضرب الجِلْد ؛ يقال : جَلَدَه : إِذا ضرب جِلْده، كما يقال : بَطَنَه : إِذا ضَرَب بَطْنه.
قال المفسرون : ومعنى الآية : الزانية والزاني إِذا كانا حُرّين بالغَين بِكْرَيْن، ﴿ فاجلِدوا كُلَّ واحد منهما مائة جَلْدة ﴾.

فصل


قال شيخنا علي بن عبيد الله : هذه الآية تقتضي وجوب الجَلْدِ على البِكْر والثَّيّب.
وقد روي عن رسول الله ﷺ في حق البِكْر زيادة على الجَلْد بتغريب عام، وفي حق الثَّيِّب زيادة على الجلد بالرجم بالحجارة.
فروى عبادة بن الصامت عن رسول الله ﷺ أنه قال :" البِكْر بالبِكْر جَلْدُ مائة وتغريب عامٍ، والثَّيِّب بالثَّيِّب جلد مائة ورجم بالحجارة " وممن قال بوجوب النَّفي في حق البِكْر أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وابن عمر، وممن بعدهم عطاء، وطاووس، وسفيان، ومالك، وابن أبي ليلى، والشافعي، وأحمد، وإِسحاق، وممن قال بالجمع بين الجلد والرجم في حق الثَّيِّب عليُّ بن أبي طالب، والحسن البصري، والحسن بن صالح، وأحمد، وإِسحاق.
قال : وذهب قوم من العلماء إِلى أن المراد بالجَلْد المذكور في هذه الآية : البِكْر، فأما الثَّيِّب، فلا يجب عليه الجَلْد، وإِنما يجب الرجم، روي عن عمر، وبه قال النخعي، والزهري والأوزاعي والثوري وأبو حنيفة ومالك، وروي عن أحمد رواية مثل قول هؤلاء.
قوله تعالى :﴿ ولا تَأْخُذْكُمْ ﴾ وقرأ أبو عبد الرحمن السلمي، وأبو رزين، والضحاك، وابن يعمر، والأعمش :﴿ يَأْخُذْكُمْ ﴾ بالياء، ﴿ بهما رأفةُ ﴾ قرأ نافع، وأبو عمرو، وابن عامر، وعاصم، وحمزة، والكسائي :﴿ رَأْفَةٌ ﴾ باسكان الهمزة.
وقرأ أبو المتوكل، ومجاهد، وأبو عمران الجوني، وابن كثير : بفتح الهمزة وقصرها على وزن رَعَفَة.
وقرأ سعيد بن جبير، والضحاك، وأبو رجاء العطاردي :﴿ رآفَةٌ ﴾ مثل سآمة وكآبة.
وفي معنى الكلام قولان.


الصفحة التالية
Icon