وكذلك إذا كان المقذوف وطىء امرأة بشبهة أو نكاح فاسد لأن فيه شبهة الزنا كما فيه شبهة الحل، فكما أن إحدى الشبهتين أسقطت الحد عن الواطىء فكذا الأخرى تسقطه عن قاذفه أيضاً، ثم نقول من قذف كافراً أو مجنوناً أو صبياً أو مملوكاً، أو من قد رمى امرأة، فلا حد عليه، بل يعزر للأذى، حتى لو زنى في عنفوان شبابه مرة ثم تاب وحسن حاله وشاخ في الصلاح لا يحد قاذفه، وكذلك لو زنى كافر أو رقيق ثم أسلم وعتق وصلح حاله فقذفه قاذف لا حد عليه، بخلاف ما لو زنى في حال صغره أو جنونه ثم بلغ أو أفاق فقذفه قاذف يحد، لأن فعل الصبي والمجنون لا يكون زناً، ولو قذف محصناً فقبل أن يحد القاذف زنا المقذوف سقط الحد عن قاذفه لأن صدور الزنا يورث ريبة في حالة فيما مضى لأن الله تعالى كريم لا يهتك ستر عبده في أول ما يرتكب المعصية، فبظهوره يعلم أنه كان متصفاً به من قبل، روي أن رجلاً زنى في عهد عمر، فقال والله ما زنيت إلا هذه، فقال عمر كذبت إن الله لا يفضح عبده في أول مرة، وقال المزني وأبو ثور : الزنا الطارىء لا يسقط الحد عن القاذف.
المسألة الثانية :
قال الحسن البصري قوله :﴿والذين يرمون المحصنات﴾ يقع على الرجال والنساء، وسائر العلماء أنكروا ذلك لأن لفظ المحصنات جمع لمؤنث فلا يتناول الرجال، بل الإجماع دل على أنه لا فرق في هذا الباب بين المحصنين والمحصنات.
المسألة الثالثة :
رمي غير المحصنات لا يوجب الحد بل يوجب التعزير إلا أن يكون المقذوف معروفاً بما قذف به فلا حد هناك ولا تعزير، فهذا مجموع الكلام في تفسير قوله سبحانه :﴿والذين يَرْمُونَ المحصنات ﴾.
أما قوله سبحانه :﴿ثُمَّ لَمْ يَأْتُواْ بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاء﴾ ففيه بحثان :