وقال الجصاص :
بَابُ حَدِّ الْقَذْفِ قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ :﴿ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ثُمَّ لَمْ يَأْتُوا بِأَرْبَعَةِ شُهَدَاءَ فَاجْلِدُوهُمْ ثَمَانِينَ جَلْدَةً ﴾
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : الْإِحْصَانُ عَلَى ضَرْبَيْنِ، أَحَدُهُمَا : مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وُجُوبُ الرَّجْمِ عَلَى الزَّانِي، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا قَدْ تَزَوَّجَ امْرَأَةً نِكَاحًا صَحِيحًا وَدَخَلَ بِهَا وَهُمَا كَذَلِكَ، وَالْآخَرُ : الْإِحْصَانُ الَّذِي يُوجِبُ الْحَدَّ عَلَى قَاذِفِهِ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ حُرًّا بَالِغًا عَاقِلًا مُسْلِمًا عَفِيفًا.
وَلَا نَعْلَمُ خِلَافًا بَيْنَ الْفُقَهَاءِ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَدْ خَصَّ اللَّهُ تَعَالَى الْمُحْصَنَاتِ بِالذِّكْرِ، وَلَا خِلَافَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ الْمُحْصَنِينَ مُرَادُونَ بِالْآيَةِ، وَأَنَّ الْحَدَّ وَاجِبٌ عَلَى قَاذِفِ الرَّجُلِ الْمُحْصَنِ كَوُجُوبِهِ عَلَى قَاذِفِ الْمُحْصَنَةِ.
وَاتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ :﴿ وَاَلَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ ﴾ قَدْ أُرِيدَ بِهِ الرَّمْيُ بِالزِّنَا، وَإِنْ كَانَ فِي فَحْوَى اللَّفْظِ دَلَالَةٌ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نَصٍّ، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَمَّا ذَكَرَ الْمُحْصَنَاتِ وَهُنَّ الْعَفَائِفُ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّمْيِ رَمْيُهَا بِضِدِّ الْعَفَافِ وَهُوَ الزِّنَا.