أولاً - روى أن رجلاً يقال له ( مرثد الغنوي ) كان يحمل الأسارى من مكة حتى يأتي بهم المدينة، وكانت امرأة بغّي بمكة يقال لها ( عَنَاق ) وكانت صديقة له، وأنه وعد رجلاً من أسارى مكة أن يحمله، قال : فجئت حتى انتهيت إلى ظل حائط من حوائط مكة في ليلة مقمرة، فجاءت ( عَنَاق ) فأبصرتْ سوادَ ظلي تحت الحائط، فلما انتهت إليّ عرفتني فقالت : مرثد؟ فقلت : مرثد، فقالت : مرحباً وأهلاً هلمّ فبت عندنا الليلة، فقلتُ يا عناق : قد حرَّم الله تعالى الزنى، فنادت يا أهل الخيام : هذا الرجل يحمل أسراكم، قال : فتبعني منهم ثمانية، فانتهيت إلى غار فجاءوا حتى قاموا على رأسي وبالوا، حتى ظلّ بولهم على رأسي، وأعماهم الله تعالى عني، ثم رجعوا ورجعتُ إلى صاحبي فحملته حتى قدمت المدينة، فأتيت رسول الله ﷺ فقلت يا رسول الله : أأنكح عناقاً؟ فأمسك فلم يردّ عليَّ شيئاً فأنزل الله ﴿ الزاني لاَ يَنكِحُ إِلاَّ زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً ﴾ الآية فقرأها عليَّ الرسول، ثم قال يا مرثد : لا تَنكحها.
ثانياًً - وروي أن امرأة تُدعى ( أم مهزول ) كانت من البغايا، فكانت تسافح الرجل وتشرط أن تنفق عليه، فأراد رجل من أصحاب النبي ﷺ أن يتزوجها فأنزل الله تعالى :﴿ الزانية لاَ يَنكِحُهَآ إِلاَّ زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾.
ثالثاً - وروي أنها نزلت في أهل الصفّة وكانوا قوماً من المهاجرين، ولم يكن لهم مساكن ولا عشائر، فنزلوا صفة المسجد وكانوا أربعمأة رجل يلتمسون الرزق بالنهار ويأوون إلى الصفة بالليل وكان بالمدينة ( بغايا ) متعالنات بالفجور مخاصيب بالكسوة والطعام، فهمّ بعضهم أن يتزوجوا بهنّ. ليأووا إلى مساكنهنّ، ويأكلوا من طعامهن فنزلت هذه الآية.
لطائف التفسير