لا تجوز الشفاعة في الحدود لقوله ﷺ :" من حالت شفاعته دون حد من حدود الله تعالى فقد ضادّ الله عز وجل " ولأن الحدود إنما شرعت للزجر والتأنيب، والشفاعةُ تدفع هذا المعنى ولا تحققه وقد دلت الآية الكريمة على تحريم الشفاعة وهي قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ الله ﴾ وقد تأولها السلف على أحد وجهين :
١- المراد منها تخفيف الحد، وهو قول سعيد بن المسيب والحسن البصري.
٢- المراد إسقاطُ الحد، وهو قول مجاهد والشعبي.
قال ابن العربي : وهو عندي محمول عليهما جميعاً، فلا يجوز أن يحمل أحداً رأفة على زان بأن يُسْقط الحد أو يخفَّفه عنه.
ولما كانت الشفاعة تحول دون تنفيذ الحد كانت محرمة.
ومما يدل على تحريم الشفاعة في ( الحدود ) ما رواه البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن قريشاً أهمَّهم شأن المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا : مَنْ يكلِّم فيها رسول الله ﷺ ؟ فقالوا : ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حبُّ رسول الله ﷺ ؟ فكلمه أسامة، فقال رسول الله ﷺ : أتشفع في حد من حدود الله تعالى ثم قام فاختطب ثم قال :" إنما أهلك الذين من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ".
وكما تحرم الشفاعة في الحدود يحرم على الإمام قبولها فقد روي أن ( الزبير بن العوام ) لقي رجلاً قد أخذ سارقاً يريد أن يهب به إلى السلطان فشفع له الزبير ليرسله فقال : ل، حتى أبلغ به إلى السلطان فقال الزبير : إنما الشفاعة قبل أن تبلغ إلى السلطان فإذا بلغ السلطان لُعِنَ الشافعُ والمشفَّع ) رواه البخاري.
الحكم العاشر : حضور الحد وشهوده.


الصفحة التالية
Icon