وقد رجَّح العلامة الشوكاني المذهب الأول القاضي بالقتل وضعّف ما سواه من مذهب الشافعية والأحناف ولعله في صواب فيما رجح، فإن عظم هذه الجريمة ( جريمة اللواط ) تستدعي عقاباً شديداً صارماً يستأصل الجريمة من جذورها، ويكسر شهوة الفسقة المتمردين ويقضي على الفساد والمفسدين، وليس هناك من طريق أجدى ولا أنفع من تنفيذ الإعدام حرقاً أو هدماً أو رجماً أو إلقاء من شاهق جبل ليكون عبرة للمعتبرين وفي ذلك تطبيق لهدي النبوة :" من رأيتموه يعمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول به ".
حكم السحاق وإيتان البهائم :
وأما السحاق ( وهو ما يكون بين المرأة والمرأة ) فقد اتفق الفقهاء على أنه ليس فيه إلا ( التعزير ) وأما إتيان البهائم فالجمهور على أنَّ حده التعزير إلاّ ما ورد في بعض الروايات عن الإمام أحمد رحمه الله أن عقوبته كاللواط يقتل الفاعل وتقتل الدابة.
ولا شك في أن من يأتي مثل هذه القبيحة النكراء يكون أخس من الحيوان ولكن الرأي الراجح هو ما ذهب إليه الجمهور والله تعالى أعلم.
الحكم الثاني عشر : كيف تثبت جريمة الزنى؟
لما كان الزنى جريمة منكرة وكانت عقوبته عقوبة صارمة وهي ( الجلد أو الرجم ) لذلك فقد شرطت الشريعة الإسلامية شروطاً شديدة من أجل إقامة الحد، فلم تقبل شهادة النساء أبداً، وفرضت أن يكون الشهود من الرجال العدول الذين هم أهل لأداء الشهادة، وأن يكونوا قد رأوا بأم عينهم هذه الفاحشة ( كالميل في المكحلة ) وهذا بلا شك لا يمكن أن يتحقق بسهولة ولا يتصور إلا إذا كان - والعياذ بالله - يرتكبها الفرد على قارعة الطريق كما يفعل الحيوان.
شروط الشهادة في الزنى :
وكان غرض الشارع من هذا التشديد أن يسد السبيل على الذين يتهمون الأبرياء ظلماً أو لأدنى حزازة بعار الدهر وفضيحة الأبد، فاشترط في الشهادة على الزنى الشروط الآتية :