وهو نص على أن الملاعنة التي قضى فيها رسول الله ﷺ إنما كانت في الرؤية، فلا يجب أن يُتعدَّى ذلك.
ومن قذف امرأته ولم يذكر رؤية حدّ ؛ لعموم قوله تعالى :﴿ والذين يَرْمُونَ المحصنات ﴾.
الرابعة : إذا نفى الحمل فإنه يلتعن ؛ لأنه أقوى من الرؤية ولا بدّ من ذكر عدم الوطء والاستبراء بعده.
واختلف علماؤنا في الاستبراء ؛ فقال المغيرة ومالك في أحد قوليهما : يجزي في ذلك حَيْضة.
وقال مالك أيضاً لا ينفيه إلا بثلاث حِيَض.
والصحيح الأوّل ؛ لأن براءة الرحم من الشَّغل يقع بها كما في استبراء الأمَة، وإنما راعَيْنا الثلاث حِيَض في العدد لحكم آخر يأتي بيانه في الطلاق إن شاء الله تعالى.
وحكى اللَّخْمِيّ عن مالك أنه قال مرة : لا يُنْفَى الولد بالاستبراء ؛ لأن الحيض يأتي على الحمل.
وبه قال أشهب في كتاب ابن المَوّاز، وقاله المغيرة.
وقال : لا يُنْفَى الولد إلا بخمس سنين لأنه أكثر مدة الحمل على ما تقدّم.
الخامسة : اللعان عندنا يكون في كل زوجين حرّين كانا أو عبدين، مؤمنَيْن أو كافرين، فاسقَين أو عَدْلَين.
وبه قال الشافعيّ.
ولا لعان بين الرجل وأَمَته، ولا بينه وبين أمّ ولده.
وقيل : لا ينتفي ولد الأمة عنه إلا بيمين واحدة ؛ بخلاف اللعان.
وقد قيل : إنه إذا نفى ولدَ أم الولد لاعن.
والأوّل تحصيل مذهب مالك، وهو الصواب.
وقال أبو حنيفة : لا يصح اللعان إلا من زوجين حُرّين مسلمين ؛ وذلك لأن اللعان عنده شهادة، وعندنا وعند الشافعيّ يمين، فكلّ من صحت يمينه صح قذفه ولعانه.
واتفقوا على أنه لا بد أن يكونا مكلَفَيْن.
وفي قوله :"وجد مع امرأته رجلاً".
دليل على أن الملاعنة تجب على كل زوجين ؛ لأنه لم يخص رجلاً من رجل ولا امرأة من امرأة، ونزلت آية اللعان على هذا الجواب فقال :﴿ والذين يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ ﴾ ولم يخص زوجاً من زوج.


الصفحة التالية
Icon