وقال أبو يوسف ومحمد : يعتبر فيه أربعون يوماً، مدّة النفاس.
قال ابن القَصّار : والدليل لقولنا هو أن نفي ولده محرّم عليه، واستلحاق ولد ليس منه محرّم عليه، فلا بدّ أن يوسّع عليه لكي ينظر فيه ويفكّر، هل يجوز له نفيه أو لا.
وإنما جعلنا الحدّ ثلاثة لأنه أوّل حدّ الكثرة وآخر حدّ القلة، وقد جعلت ثلاثة أيام يختبر بها حال المُصَرّاة ؛ فكذلك ينبغي أن يكون هنا.
وأما أبو يوسف ومحمد فليس اعتبارهم بأولى من اعتبار مدّة الولادة والرضاع ؛ إذ لا شاهد لهم في الشريعة، وقد ذكرنا نحن شاهداً في الشريعة من مدّة المُصَرّاة.
الثامنة عشرة : قال ابن القصار : إذا قالت امرأة لزوجها أو لأجنبيّ يا زانيه بالهاء وكذلك الأجنبي لأجنبي، فلست أعرف فيه نصًّا لأصحابنا، ولكنه عندي يكون قذفاً وعلى قائله الحدّ، وقد زاد حرفاً ؛ وبه قال الشافعيّ ومحمد بن الحسن.
وقال أبو حنيفة وأبو يوسف : لا يكون قذفاً، واتفقوا أنه إذا قال لامرأته يا زان أنه قذف.
والدليل على أنه يكون في الرجل قذفاً هو أن الخطاب إذا فهم منه معناه ثبت حكمه، سواء كان بلفظ أعجمي أو عربي.
ألا ترى أنه إذا قال للمرأة زنيتَ ( بفتح التاء ) كان قذفاً ؛ لأن معناه يفهم منه.
ولأبي حنيفة وأبي يوسف أنه لما جاز أن يُخاطَب المؤنث بخطاب المذكر لقوله تعالى :﴿ وَقَالَ نِسْوَةٌ ﴾ [ يوسف : ٣٠ ] صلح أن يكون قوله يا زان للمؤنث قذفاً.
ولمّا لم يجز أن يؤنث فعل المذكر إذا تقدم عليه لم يكن لخطابه بالمؤنث حكم، والله أعلم.
التاسعة عشرة : يلاعن في النكاح الفاسد زوجتَه لأنها صارت فراشاً ويلحق النسب فيه فجرى اللعان عليه.
الموفية عشرين : اختلفوا في الزوج إذا أبى من الالتعان ؛ فقال أبو حنيفة : لا حدّ عليه ؛ لأن الله تعالى جعل على الأجنبي الحدّ وعلى الزوج اللّعان، فلما لم ينتقل اللعان إلى الأجنبي لم ينتقل الحدّ إلى الزوج، ويسجن أبداً حتى يلاعن لأن الحدود لا تؤخر قياساً.