وقال مالك والشافعيّ وجمهور الفقهاء : إن لم يلتعن الزوج حدّ ؛ لأن اللعان له براءة كالشهود للأجنبيّ، فإن لم يأت الأجنبي بأربعة شهداء حدّ، فكذلك الزوج إن لم يلتعن.
وفي حديث العَجْلانِيّ مايدل على هذا ؛ لقوله : إن سكَتُّ سكتُّ على غيظ وإن قَتلتُ قُتلت وإن نطقْتُ جُلدت.
الحادية والعشرون : واختلفوا أيضاً هل للزوج أن يلاعن مع شهوده ؛ فقال مالك والشافعيّ : يلاعن كان له شهود أو لم يكن ؛ لأن الشهود ليس لهم عمل في غير درء الحدّ، وأما رفع الفراش ونفي الولد فلا بدّ فيه من اللعان.
وقال أبو حنيفة وأصحابه : إنما جعل اللعان للزوج إذا لم يكن له شهود غير نفسه ؛ لقوله تعالى :﴿ وَلَمْ يَكُنْ لَّهُمْ شُهَدَآءُ إِلاَّ أَنفُسُهُمْ ﴾.
الثانية والعشرون : البداءة في اللعان بما بدأ الله به، وهو الزوج ؛ وفائدته دَرْء الحدّ عنه ونفي النسب منه ؛ لقوله عليه السلام :" البينةَ وإلا حَدٌّ في ظهرك " ولو بُدىء بالمرأة قبله لم يَجْز ؛ لأنه عكس ما رتّبه الله تعالى.
وقال أبو حنيفة : يجزي.
وهذا باطل ؛ لأنه خلاف القرآن، وليس له أصل يرده إليه ولا معنًى يقوَّى به، بل المعنى لنا ؛ لأن المرأة إذا بدأت باللعان فتنفي ما لم يُثبت وهذا لا وجه له.
الثالثة والعشرون : وكيفية اللعان أن يقول الحاكم للملاعن : قل أشهد بالله لرأيتها تزني ورأيت فرج الزاني في فرجها كالمِرْود في المكحلة وما وطئتها بعد رؤيتي.
وإن شئت قلت : لقد زنت وما وطئتها بعد زناها.
يردّد ما شاء من هذين اللفظين أربع مرات، فإن نَكَل عن هذه الأيمان أو عن شيء منها حُدّ.
وإذا نفى حملاً قال : أشهد بالله لقد استبرأتها وما وطئتها بعدُ، وما هذا الحمل مني ؛ ويشير إليه ؛ فيحلف بذلك أربع مرات ويقول في كل يمين منها : وإني لمن الصادقين في قولي هذا عليها.
ثم يقول في الخامسة "عليّ لعنةُ اللَّهِ إنْ كُنْتُ من الكاذبين".
وإن شاء قال : إن كنت كاذباً فيما ذكرت عنها.