من لطائف الإمام القشيرى فى الآية
قال عليه الرحمة :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ جَاءُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ ﴾
هذه قصة عائشة رضي الله عنها، وما كان من حديث الإفك.
بَيَّنَ اللَّهُ - سبحانه - أنه لا يُخْلِي أحداً من المحنة والبلاء، في المحبة والولاء ؛ فالامتحان من أقوى أركانه وأعظم برهانه وأصدق بيانه، كذلك قال ﷺ " يُمْتَحَنُ الرجلُ على قَدْرِ دينه "، وقال :" أشدُّ الناسِ بلاءً الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل ".
ويقال إن الله - سبحانه - غيورٌ على قلوب خواصِّ عباده، فإذا حصلت ماسكنةُ بعض إلى بعضٍ يُجْرِي الله ما يَرُدُّ كُلَّ واحدٍ منهم عن صاحبه، ويردُّه إلى نفسه، وأنشدوا :
إذا عَلِقَت روحي بشيءٍ، تعلَّقَتْ... به غِيَرُ الأيام كي تسْلُبَنِّيَا
وإن النبي - ﷺ - لمَّا قيل له : أي الناس أحب إليك؟ قال :" عائشة " فساكنها.
وفي بعض الأخبار أن عائشة قالت :" يا رسول الله إني أحبك وأحب قربك "... فأجرى اللهُ حديثَ الإفك حتى ردَّ قلبَ رسول الله - ﷺ - عنها إلى الله، وردَّ قلب عائشة عنه إلى الله ؛ حيث قال - لما ظَهَرَتْ براءةُ ساحتها : بحمد الله لا بحمدك كشف الله عنها به تلك المحنة، وأزال الشكَّ، وأظهر صِدْقَها وبراءة ساحتها.
ويقال إن النبي ﷺ قال :" اتقوا فراسةَ المؤمن فإنَّ المؤمن ينظر بنور الله " فإذا كانت الفراسةُ صفة المؤمن فأوْلى الناس بالفراسةِ كان رسولَ الله ﷺ، ثم لم تظهر له بحكم الفراسة براءةُ ساحتها، حتى كان يقول :" إنْ فَعَلْتِ فتوبي ".


الصفحة التالية
Icon