ولما كان السياق والسباق واللحاق موضحاً للمراد، لم يحتج إلى ذكر أداة النفي فقال :﴿أن يؤتوا﴾ ثم ذكر الصفات المقتضية للإحسان فقال :﴿أولي القربى﴾ وعددها بأداة العطف تكثيراً لها وتعظيماً لأمرها، وإشارة إلى أن صفة منها كافية في الإحسان، فكيف إذا اجتمعت! فقال سبحانه :﴿والمساكين﴾ أي الذين لا يجدون ما يغنيهم وإن لم تكن لهم قرابة ﴿والمهاجرين﴾ لأهلهم وديارهم وأموالهم ﴿في سبيل الله﴾ أي الذي عم الخلائق بجوده لما له من الإحاطة بالجلال والإكرام وإن انتفى عنهم الوصفان الأولان، فإن هذه الصفات مؤذنة بأنهم ممن زكى الله، وتعدادها بجعلها علة للعفو - دليل على أن الزاكي من غير المعصومين قد يزل، فتدركه الزكاة بالتوبة فيرجع كما كان، وقد تكون الثلاثة لموصوف واحد لأن سبب نزولها مسطح ـ رضى الله عنه ـ، فالعطف إذن للتمكن في كل وصف منها.
ولما كان النهي عن ذلك غير صريح في العفو، وكان التقدير : فلؤتوهم، عطف عليه مصرحاً بالمقصود قوله :﴿وليعفوا﴾ أي عن زللهم بأن يمحوه ويغطوه بما يسلبونه عليه من أستار الحلم حتى لا يبقى له أثر.
ولما كان المحو لا ينفي التذكر قال :﴿وليصفحوا﴾ أي يعرضوا عنه أصلاً ورأساً، فلا يخطروه لهم على بال ليثمر ذلك الإحسان، ومنه الصفوح وهو الكريم.