ثم علم أدباً آخر جميلاً بقوله ﴿ ولا يأتل ﴾ وهو افتعل من الألية أي لا يحلف على عدم الإحسان، وحرف النفي يحذف من جواب القسم كثيراً فهي كقراءة من قرأ ﴿ ولا يأتل ﴾ وقيل : هو من قولهم " ما ألوت جهداً " إذا لم يدخر من الاجتهاد شيئاً اي لا يقصر في الإحسان إلى المستحقين. قالوا : نزلت في شأن مسطح وكان ابن خالة ابي بكر الصديق فقيراً من فقراء المهاجرين، وكان أبو بكر ينفق عليه. فلما فرط منه ما فرط آلى أن لا ينفق عليه فنزلت فقرأها رسول الله ﷺ على أبي بكر، فلما وصل إلى قوله ﴿ ألا تحبون أن يغفر الله لكم ﴾ قال أبو بكر : بلى أحب أن يغفر الله لي فعفا عن مسطح ورجع إلى الإنفاق عليه وقال : والله لا أنزعها أبداً. قال الإمام فخر الدين الرازي : هذه الاية تدل على أفضلية أبي بكر الصديق من وجوه، وذلك أن الفضل المذكور في الاية لا يراد به السعة في المال والإلزام التكرار فهو الفضل في الدين ولكنه مطلق غير مقيد فثبت له الفضل على الإطلاق. تركنا العمل به في حق النبي ﷺ بالاتفاق فيبقى في الغير معمولاً به. وأيضاً ذكره الله تعالى في الآية بلفظ الجمع وإنه مشعر بالتعظيم. وأيضاً قد قيل :
وظلم ذوي القربى أشد مضاضة... على المرء من وقع الحسام المهند


الصفحة التالية
Icon