ومن الحرام لعن أبي طالب على القول بموته كافراً بل هو من أعظم ما يتضمن ما فيه إيذاء من يحرم إيذاؤه، ثم إن لعن من يجوز لعنه لا أرى أنه يعد عبادة إلا إذا تضمن مصلحة شرعية، وأما لعن كافر معين حي فالمشهور أنه حرام ومقتضى كلام حجة الإسلام الغزالي أنه كفر لما فيه من سؤال تثبيته على الكفر الذي هو سبب اللعنة وسؤال ذلك كفر ؛ ونص الزركشي على ارتضائه حيث قال عقبه : فتفطن لهذه المسألة فإنها غريبة وحكمها متجه وقد زل فيه جماعة، وقال العلامة ابن حجر في ذلك : ينبغي أن يقال إن أراد بلعنه الدعاء عليه بتشديد الأمر أو أطلق لم يكفر وإن أراد سؤال بقائه على الكفر أو الرضا ببقائه عليه كفر : ثم قال : فتدبر ذلك حق التدبر فإنه تفصيل متجه قضت به كلماتهم اه.
وكلعن الكافر الحي المعين بالشخص في الحرمة لعن الفاسق كذلك، وقال السراج البلقيني : يجوز لعن العاصي المعين واحتج على ذلك بحديث الصحيحين
" إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت أن تجيء فبات غضبان لعنتها الملائكة حتى تصبح " وهو ظاهر فيما يدعيه ؛ وقول ولده الجلال البلقيني في بحثه معه : يحتمل أن يكون لعن الملائكة لها ليس بالخصوص بل بالعموم بأن يقولوا : لعن الله من دعاها زوجها إلى فراشه فأبت فبات غضبان بعيد جداً.
ومما يؤيد قول السراج خبر مسلم أنه ﷺ مر بحمار وسم في وجهه فقال :" لعن الله من فعل هذا " وهو أبعد عن الاحتمال الذي ذكره ولده، وقد صح أنه ﷺ لعن قبائل من العرب بأعيانهم فقال :" اللهم العن رعلاً.
وذكوان.