ولما كان المقصود من هذا الضرب بعض الخمار، وهو ما لا صق الجيب منه، عداه بالباء فقال :﴿بخمرهن﴾ جمع خمار، وهو منديل يوضع على الرأس، وقال أبو حيان : وهو المقنعة التي تلقي المرأة على رأسها.
﴿على جيوبهن﴾ جمع جيب، وهو خرق الثوب الذي يحيط بالعنق، فالمعنى حينئذ يهوين بها إلى ما تحت العنق ويسبلنها من جميع الجوانب ويطولنها ستراً للشعر والصدر وغيرهما مما هنالك، وكأنه اختير لفظ الضرب إشارة إلى قوة القصد للستر وإشارة إلى العفو عما قد يبدو عند تحرك الخمار عند مزاولة شيء من العقل ؛ قال أبو حيان : وكان النساء يغطين رؤوسهن بالأخمرة ويسدلنها من وراء الظهور فيبقى النحر والعنق والأذنان لا ستر عليهن.
وروى البخاري في التفسير عن عائشة ـ رضى الله عنه ـ ا قالت : يرحم الله نساء المهاجرات الأول لما نزلت ﴿وليضربن بخمرهن﴾ شققن مروطهن - وفي رواية : أخذن أزرهن فشققنها من قبل الحواشي - فاختمرن بها، يعني تسترن ما قدام، والإزار هنا الملاء.
ولما كان ذكر الجيب ربما أوهم خصوصاً في الزينة، عم بقوله :﴿ولا يبدين﴾ أو كرره لبيان من يحل الإبداء له ومن لا يحل، وللتأكيد ﴿زينتهن﴾ أي الخفية في أي موضع كانت من عنق أو غيره، وهي ما عدا الوجه والكفين، وظهور القدمين، بوضع الجلباب، وهو الثوب الذي يغطي الثياب والخمار قاله ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ ما.
﴿إلا لبعولتهن﴾ أي أزواجهن، فإن الزينة لهم جعلت.
قال أبو حيان : ثم ثنى بالمحارم وسوى بينهم في إبداء الزينة، ولكن تختلف مراتبهم في الحرمة بحسب ما في نفوس البشر فالأب والأخ ليس كابن الزوج - انتهى.


الصفحة التالية
Icon