البحث الأول : قال الشافعي رحمه الله : إن لم يقل بلسانه أو لم ينو بقلبه إذا أديت ذلك المال فأنت حر لم يعتق، وقال أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف ومحمد وزفر رحمهم الله لا حلاجة إلى ذلك، حجة أبي حنيفة رحمه الله أن قوله تعالى :﴿فكاتبوهم﴾ خال عن هذا الشرط فوجب أن تصح الكتابة بدون هذا الشرط، وإذا صحت الكتابة وجب أن يعتق بالأداء للإجماع، حجة الشافعي رحمه الله : أن الكتابة ليست عقد معاوضة محضة، لأن ما في يد العبد فهو ملك السيد والإنسان لا يمكنه بيع ملكه بملكه، بل قوله كاتبتك كتابة في العتق فلا بد من لفظ العتق أو نيته.
البحث الثاني : لا تجوز الكتابة الحالة عند الشافعي، وتجوز عند أبي حنيفة، وجه قول الشافعي رحمه الله أن العبد لا يتصور له ملك يؤديه في الحال، وإذا عقد حالاً توجهت المطالبة عليه في الحال، فإذا عجز عن الأداء لم يحصل مقصود العقد، كما لو أسلم في شيء لا يوجد عند المحل لا يصح بخلاف ما لو أسلم إلى معسر فإنه يجوز، لأنه حين العقد يتصور أن يكون له ملك في الباطن، فالعجز لا يتحقق عن أدائه، وجه قول أبي حنيفة رحمه الله أن قوله تعالى :﴿فكاتبوهم﴾ مطلق يتناول الكتابة الحالة والمؤجلة، وأيضاً لما كان مال الكتابة بدلاً عن الرقبة كان بمنزلة أثمان السلع المبيعة فيجوز عاجلاً وآجلاً، وأيضاً أجمعوا على جواز العتق معلقاً على مال حال فوجب أن تكون الكتابة مثله، لأنه بدل عن العتق في الحالين إلا أن في أحدهما العتق معلق على شرط الأداء وفي الآخر معجل، فوجب أن لا يختلف حكمهما.


الصفحة التالية
Icon