البحث الثالث : قال الشافعي رحمه الله : لا تجوز الكتابة على أقل من نجمين، يروى ذلك عن علي وعثمان وابن عمر، روى أن عثمان رضي الله عنه غضب على عبده، فقال : لأضيقن الأمر عليك، ولأكاتبنك على نجمين، ولو جاز على أقل من ذلك لكاتبه على الأقل، لأن التضييق فيه أشد، وإنما شرطنا التنجيم لأنه عقد إرفاق، ومن شرط الإرفاق التنجيم ليتيسر عليهم الأداء.
وقال أبو حنيفة رحمه الله : تجوز الكتابة على نجم واحد، لأن ظاهر قوله :﴿فكاتبوهم﴾ ليس فيه تقييد.
المسألة الرابعة :
تجوز كتابة المملوك عبداً كان أو أمة، ويشترط عند الشافعي رحمه الله أن يكون عاقلاً بالغاً، فإذا كان صبياً أو مجنوناً لا تصح كتابته، لأن الله تعالى قال :﴿والذين يَبْتَغُونَ الكتاب﴾ ولا يتصور الابتغاء من الصبي والمجنون.
وعند أبي حنيفة رحمه الله : تجوز كتابة الصبي ويقبل عنه المولى.
المسألة الخامسة :
يشرط أن يكون المولى مكلفاً مطلقاً، فإن كان صبياً أو مجنوناً أو محجوراً عليه بالسفه لا تصح كتابته كما لا يصح بيعه، ولأن قوله :﴿فكاتبوهم﴾ خطاب فلا يتناول غير العاقل، وعند أبي حنيفة رحمه الله تصح كتابة الصبي بإذن الولي.
المسألة السادسة :
اختلف العلماء في أن قوله :﴿فكاتبوهم﴾ أمر إيجاب أو أمر استحباب ؟ فقال قائلون هو أمر إيجاب، فيجب على الرجل أن يكاتب مملوكه إذا سأله ذلك بقيمته أو أكثر إذا علم فيه خيراً، ولو كان بدون قيمته لم يلزمه، وهذا قول عمرو بن دينار وعطاء، وإليه ذهب داود بن علي ومحمد بن جرير، واحتجوا عليه بالآية والأثر.


الصفحة التالية
Icon