اختلفوا في المخاطب بقوله :﴿وَءَاتُوهُم﴾ على وجوه : أحدها : أنه هو المولى يحط عنه جزءاً من مال الكتابة أو يدفع إليه جزءاً مما أخذ منه، وهؤلاء اختلفوا في قدره فمنهم من جعل الخيار له وقال يجب أن يحط قدراً يقع به الاستغناء، وذلك يختلف بكثرة المال وقلته ومنهم من قال يحط ربع المال، روى عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن أنه كاتب غلاماً له فترك له ربع مكاتبته، وقال إن علياً كان يأمرنا بذلك ويقول وهو قول الله تعالى :﴿وآتوهم من مال الله الذي آتاكم﴾ فإن لم يفعل فالسبع، لما روى عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كاتب عبداً له بخمس وثلاثين ألفاً ووضع عنه خمسة آلاف، ويروى أن عمر كاتب عبداً له فجاء بنجمه فقال له اذهب فاستعن به على أداء مال الكتابة، فقال المكاتب لو تركته إلى آخر نجم ؟ فقال إني أخاف أن لا أدرك ذلك ثم قرأ هذه الآية، وكان ابن عمر يؤخره إلى آخر النجوم مخافة أن يعجز.
وثانيها : المراد وآتوهم سهمهم الذي جعله الله لهم من الصدقات في قوله :﴿وَفِي الرقاب﴾ وعلى هذا فالخطاب لغير السادة وهو قول الحسن والنخعي، ورواية عطاء عن ابن عباس، وأجمعوا على أنه لا يجوز للسيد أن يدفع صدقته المفروضة إلى مكاتب نفسه.
وثالثها : أن هذا أمر من الله تعالى للسادة والناس أن يعينوا المكاتب على كتابته بما يمكنهم، وهذا قول الكلبي وعكرمة والمقاتلين والنخعي وقال عليه الصلاة والسلام :


الصفحة التالية
Icon