اختلفوا في قوله تعالى :﴿لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة﴾ فقال بعضهم نفى كونهم تجاراً وباعة أصلاً، وقال بعضهم بل أثبتهم تجاراً وباعة وبين أنهم مع ذلك لا يشغلهم عنها شاغل من ضروب منافع التجارات، وهذا قول الأكثرين، قال الحسن أما والله إن كانوا ليتجرون، ولكن إذا جاءت فرائض الله لم يلههم عنها شيء فقاموا بالصلاة والزكاة، وعن سالم نظر إلى قوم من أهل السوق تركوا بياعاتهم وذهبوا إلى الصلاة فقال هم الذين قال تعالى فيهم :﴿لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة﴾، وعن ابن مسعود مثله، واعلم أن هذا القول أولى من الأول، لأنه لا يقال إن فلاناً لا تلهيه التجارة عن كيت وكيت إلا وهو تاجر، وإن احتمل الوجه الأول وههنا سؤالات :
السؤال الأول : لما قال :﴿لاَّ تُلْهِيهِمْ تجارة﴾ دخل فيه البيع فلم أعاد ذكر البيع ؟ قلنا الجواب عنه من وجوه : الأول : أن التجارة جنس يدخل تحت أنواع الشراء والبيع إلا أنه سبحانه خص البيع بالذكر لأنه في الإلهاء أدخل، لأن الربح الحاصل في البيع يقين ناجز، والربح الحاصل في الشراء شك مستقبل الثاني : أن البيع يقتضي تبديل العرض بالنقد، والشراء بالعكس والرغبة في تحصيل النقد أكثر من العكس الثالث : قال الفراء : التجارة لأهل الجلب، يقال : اتجر فلان في كذا إذا جلبه من غير بلده، والبيع ما باعه على يديه.
السؤال الثاني : لم خص الرجال بالذكر ؟ والجواب : لأن النساء لسن من أهل التجارات أو الجماعات.
المسألة التاسعة :
اختلفوا في المراد بذكر الله تعالى، فقال قوم : المراد الثناء على الله تعالى والدعوات، وقال آخرون : المراد الصلوات، فإن قيل فما معنى قوله :﴿وإقام الصلاة﴾ ؟ قلنا عنه جوابان : أحدهما : قال ابن عباس رضي الله عنهما المراد بإقام الصلاة إقامتها لمواقيتها والثاني : يجوز أن يكون قوله :﴿وإقام الصلاة﴾ تفسيراً لذكر الله فهم يذكرون الله قبل الصلاة وفي الصلاة.
المسألة العاشرة :


الصفحة التالية
Icon