التقسيم الخامس : بحسب الأخلاق بعض الحيوانات هادىء الطبع قليل الغضب مثل البقرة وبعضه شديد الجهل حاد الغضب كالخنزير البري وبعضها حليم خدوع كالبعير وبعضها رديء الحركات مغتال كالحية وبعضها جريء قوي شهم كبير النفس كريم الطبع كالأسد ومنها قوي مغتال وحشي كالذئب وبعضها محتال مكار رديء الحركات كالثعلب وبعضها غضوب شديد الغضب سفيه إلا أنه ملق متودد كالكلب وبعضها شديد الكيس مستأنس كالفيل والقرد وبعضها حسود متباه بجماله كالطاووس وبعضها شديد التحفظ كالجمل والحمار.
التقسيم السادس : من الحيوان ما تناسله بأن تلد أنثاه حيواناً وبعضها ما تناسله بأن تلد أنثاه دوداً كالنحل والعنكبوت فإنها تلد دوداً، ثم إن أعضاءه تستكمل بعد وبعضها تناسله بأن تبيض أنثاه بيضاً.
واعلم أن العقول قاصرة عن الإحاطة بأحوال أصغر الحيوانات على سبيل الكمال، ووجه الاستدلال بها على الصانع ظاهر لأنه لو كان الأمر بتركيب الطبائع الأربع فذلك بالنسبة إلى الكل على السوية فاختصاص كل واحد من هذه الحيوانات بأعضائها وقواها ومقادير أبدانها وأعمارها وأخلاقها لا بد وأن يكون بتدبير مدبر قاهر حكيم سبحانه وتعالى عما يقول الجاحدون.
وأحسن كلام في هذا الموضع قوله سبحانه :﴿يَخْلُقُ الله مَا يَشَاء إِنَّ الله على كُلّ شَىْء قَدِيرٌ﴾ لأنه هو القادر على الكل والعالم بالكل فهو المطلع على أحوال هذه الحيوانات، فأي عقل يقف عليها وأي خاطر يصل إلى ذرة من أسرارها، بل هو الذي يخلق ما يشاء ولا يمنعه منه مانع ولا دافع.
وأما قوله :﴿لَّقَدْ أَنزَلْنَا ءايات مبينات﴾ فالأولى حمله على كل الأدلة والعبر، ولما كان القرآن كالمشتمل على كل ذلك صح أن يكون هو المراد.


الصفحة التالية
Icon