وتقليب الليل والنهار آيتان أحدهما بعد الآخر أو زيادة هذا وعكسه، أو يغير النهار بظلمة السحاب مرة وضوء الشمس أخرى، ويغير الليل باشتداد ظلمته مرة وضوء القمر أخرى، أو باختلاف ما يقدر فيهما من الخير والنفع والشدة والنعمة والأمن ومقابلاتها ونحو ذلك أقوال أربعة إن في ذلك إشارة إلى ما تقدم من الدلائل الدالة على وحدانيته من تسبيح من ذكر وتسخير السحاب.
وما يحدثه تعالى فيه من أفعاله حتى ينزل المطر فيقسم رحمته بين خلقه وإراءتهم البرق في السحاب الذي يكاد يخطف الأبصار ويقلب الليل والنهار.
﴿ لعبرة ﴾ أي اتّعاظاً.
وخص أولو الأبصار بالاتّعاظ لأن البصر والبصيرة إذا استعملا وصلا إلى إدراك الحق كقوله ﴿ إنما يتذكر أولوا الألباب.
وقرأ الجمهور ﴿ خَلقَ ﴾ فعلاً ماضياً.
﴿ كل ﴾ نصب.
وقرأ حمزة والكسائي وابن وثاب والأعمش خالق اسم فاعل مضاف إلى ﴿ كل ﴾.
والدابة : ما يحرك أمامه قدماً ويدخل فيه الطير.
قال الشاعر :
دبيب قطا البطحاء في كل منهل...
والحوت وفي الحديث :
" دابة من البحر مثل الظرب " واندرج في ﴿ كل دابة ﴾ المميز وغيره، فسهل التفصيل بمن التي لمن يعقل وما لا يعقل إذا كان مندرجاً في العام، فحكم له بحكمه كان الدواب كلهم مميزون.
والظاهر أن ﴿ من ماء ﴾ متعلق بخلق.
و﴿ من ﴾ لابتداء الغاية، أي ابتدأ خلقها من الماء.
فقيل : لما كان غالب الحيوان مخلوقاً من الماء لتولده من النطفة أو لكونه لا يعيش إلاّ بالماء أطلق لفظ ﴿ كل ﴾ تنزيلاً للغالب منزلة العام، ويخرج عما خلق من ماء ما خلق من نور وهم الملائكة، ومن نار وهم الجنّ، ومن تراب وهم آدم.
وخلق عيسى من الروح وكثير من الحيوان لا يتولد من نطفة.


الصفحة التالية
Icon