وقال الآلوسى :
﴿ والله خَلَقَ كُلَّ دَابَّةٍ ﴾
أي كل حيوان يدب على الأرض وأدخلوا في ذلك الطير والسمك، وظاهر كلام بعض أئمة التفسير أن الملائكة والجن يدخلون في عموم الدابة، ولعلها عنده كل ما دب وتحرك مطلقاً ومعظم اللغويين يفسرها بما سمعت، والتاء فيها للنقل إلى الاسمية لا للتأنيث، وقيل دابة واحد داب كخائنة وخائن.
وقرأ حمزة.
والكسائي.
وابن وثاب.
والأعمش ﴿ خالق ﴾ اسم فاعل ﴿ كُلَّ دَابَّةٍ ﴾ بالجر بالإضافة ﴿ مِن مَّاء ﴾ هو جزء مادته وخصه بالذكر لظهور مزيد احتياج الحيوان بعد كمال تركيبه إليه وأن امتزاج الأجزاء الترابية به إلى غير ذلك أو ماء مخصوص هو النطفة فالتنكير على الأول للإفراد النوعي، وعلى الثاني للإفراد الشخصي.
وجوز أن يكون عليهما لذلك، وكلمة ﴿ كُلٌّ ﴾ على الثاني للتكثير كما في قوله تعالى :﴿ يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلّ شَىْء ﴾ [ القصص : ٥٧ ] لأن من الدواب ما يتولد لا عن نطفة.
وزعم بعضهم أنها على الأول لذلك أيضاً بناء على شمول الدابة للملائكة المخلوقين من نور وللجن المخلوقين من نار، وادعى أيضاً أن من الإنس من لم يخلق من ماء أيضاً وهو آدم.
وعيسى عليهما السلام فإن الأول خلق من التراب والثاني خلق من الروح ولا يخفى ما فيه، وجوز أن يعتبر العموم في ﴿ كُلٌّ ﴾ ويراد بالدابة ما يخلق بالتوالد بقرينة من ماء أي نطفة وفيه بحث، وقيل ما من شيء دابة كان أو غيره إلا وهو مخلوق من الماء فهو أصل جميع المخلوقات لما روى أن أول ما خلق الله تعالى جوهرة فنظر إليها بعين الهيبة فصارت ماء ثم خلق من ذلك الماء النار والهواء والنور وخلق منها الخلق، وأياً ما كان فمن متعلقة بخلق، وقال القفال واستحسنه الإمام : هي متعلقة بمحذوف وقع صفة لدابة فالمراد الإخبار بأنه تعالى خلق كل دابة كائنة أو متولدة من الماء فعموم الدابة عنده مخصص بالصفة وعموم ﴿ كُلٌّ ﴾ على ظاهره.