وقال ابن عطية :
﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله ﴾
و" جهد اليمين " بلوغ الغاية في تعقيدها و﴿ ليخرجن ﴾ معناه إلى الغزو وهذه في المنافقين الذين تولوا حين ﴿ دعوا إلى الله ورسوله ﴾ وقوله :﴿ قل لا تقسموا طاعة معروفة ﴾ يحتمل معاني أحدها النهي عن القسم الكاذب إذ عرف أن طاعتهم دغلة رديئة.
فكأنه يقول لا تغالطوا فقد عرف ما أنتم عليه، والثاني أن يكون المعنى لا تتكلفوا القسم طاعة متوسطة على قدر الاستطاعة أمثل وأجدى عليكم، وفي هذا الوجه إبقاء عليهم، والثالث أن يكون المعنى لا تقنعوا بالقسم طاعة تعرف منكم وتظهر عليكم هو المطلوب منكم، والرابع أن يكون المعنى لا تقنعوا لأنفسكم بإرضائنا بالقسم، طاعة الله معروفة وشرعه وجهاد عدوه مهيع لائح، وقوله ﴿ إن الله خبير ﴾ متصل بقوله :﴿ لا تقسموا ﴾، و﴿ طاعة معروفة ﴾، اعتراض بليغ، وقوله ﴿ قل أطيعوا الله ﴾ الآية مخاطبة لأولئك المنافقين وغيرهم من الكفار وكل من يتعتى عن أمر محمد عليه السلام، وقوله ﴿ تولوا ﴾ معناه تتولوا محذوف التاء الواحدة يدل على ذلك، قوله :﴿ وعليكم ما حملتم ﴾ ولو جعلنا ﴿ تولوا ﴾ فعلاً ماضياً وقدرنا في الكلام خروجاً من خطاب الحاضر إلى ذكر الغائب لاقتضى الكلام أن يكون بعد ذلك وعليهم ما حملوا، والذي حمل رسول الله ﷺ هو التبليغ ومكافحة الناس بالرسالة وإعمال الجهد في إنذارهم، والذي حمل الناس هو السمع والطاعة واتباع الحق وباقي الآية بين، وقرأ ابن كثير وحمزة والكسائي ونافع في رواية ورش " ويتقهي " بياء بعد الهاء قال أبو علي وهو الوجه.
وقرأ قالون عن نافع " ويتقهِ " بكسر الهاء لا يبلغ بها الياء، وقرأ أبو عمرو وابن عامر وعاصم في رواية أبي بكر " ويتقهْ " جزماً للهاء، وقرأ حفص عن عاصم ﴿ ويتقه ﴾ بسكون وكسر الهاء. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon