وقال ابن عطية :
قوله تعالى :﴿ وأَقسَموا بالله ﴾
قال المفسرون : لمّا نزل في هؤلاء المنافقين ما نزل من بيان كراهتهم لحكم الله، قالوا للنبي ﷺ : والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا وأموالنا ونسائنا لخرجنا، فكيف لا نرضى حكمك؟! فنزلت هذه الآية.
وقد بيَّنَّا معنى ﴿ جَهْدَ أيمانهم ﴾ [ المائدة : ٥٣ ] ﴿ لئن أمرتَهم لَيَخْرُجُنَّ ﴾ من أموالهم وديارهم، وقيل : ليخرجُنّ إِلى الجهاد، ﴿ قل لا تُقْسِموا ﴾ هذا تمام الكلام ؛ ثم قال :﴿ طاعةٌ معروفةٌ ﴾ قال الزجاج : المعنى : أَمْثَلُ من قَسَمِكم الذي لا تصدُقون فيه طاعةٌ معروفة.
قال ابن قتيبة : وبعض النحويين يقول : الضمير فيها : لتكن منكم طاعة معروفة، أي : صحيحة لا نِفاق فيها.
قوله تعالى :﴿ فإن تَوَلَّوا ﴾ هذا خطاب لهم، والمعنى : فإن تتولَّوا، فحذف إِحدى التاءين، ومعنى التولِّي : الإِعراض عن طاعة الله ورسوله، ﴿ فإنما عليه ﴾ يعني : الرسول، ﴿ ما حُمِّل ﴾ من التبليغ ﴿ وعليكم ما حُمِّلْتُم ﴾ من الطاعة ؛ وذكر بعض المفسرين أن هذا منسوح بآية السيف، وليس بصحيح.
قوله تعالى :﴿ وإِن تُطيعوه ﴾ يعني : رسول الله ﷺ ﴿ تهتدوا ﴾، وكان بعض السلف يقول : مَنْ أمَّر السُّنَّة على نفسه قولاً وفعلاً، نطق بالحكمة، ومن أمَّر الهوى على نفسه قولاً وفعلاً، نطق بالبدعة، لقوله :﴿ وإِن تُطيعوه تهتدوا ﴾. أ هـ ﴿المحرر الوجيز حـ ٤ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon