وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾
عاد إلى ذكر المنافقين، فإنه لما بيّن كراهتهم لحكم النبيّ ﷺ أتَوْه فقالوا : والله لو أمرتنا أن نخرج من ديارنا ونساءنا وأموالنا لخرجنا، ولو أمرتنا بالجهاد لجاهدنا ؛ فنزلت هذه الآية.
أي وأقسموا بالله أنهم يخرجون معك في المستأنف ويطيعون.
﴿ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ ﴾ أي طاقة ما قدروا أن يحلفوا.
وقال مقاتل : من حلف بالله فقد أجهد في اليمين.
وقد مضى في "الأنعام" بيان هذا.
و"جَهْدَ" منصوب على مذهب المصدر تقديره : إقساماً بليغاً.
﴿ قُل لاَّ تُقْسِمُواْ ﴾ وتم الكلام.
﴿ طَاعَةٌ مَّعْرُوفَةٌ ﴾ أوْلَى بكم من أيمانكم ؛ أو ليكن منكم طاعة معروفة، وقول معروف بإخلاص القلب، ولا حاجة إلى اليمين.
وقال مجاهد : المعنى قد عُرفت طاعتكم وهي الكذب والتكذيب ؛ أي المعروف منكم الكذب دون الإخلاص.
﴿ إِنَّ الله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾ من طاعتكم بالقول ومخالفتكم بالفعل.
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَطِيعُواْ الله وَأَطِيعُواْ الرسول ﴾ بإخلاص الطاعة وترك النفاق.
﴿ فَإِن تَوَلَّوْاْ ﴾ أي فإن تتوَلّوْا، فحذف إحدى التاءين.
ودلّ على هذا أن بعده "وعليكم" ولم يقل وعليهم.
﴿ فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ ﴾ أي من تبليغ الرسالة.
﴿ وَعَلَيْكُمْ مَّا حُمِّلْتُمْ ﴾ أي من الطاعة له ؛ عن ابن عباس وغيره.
﴿ وَإِن تُطِيعُوهُ تَهْتَدُواْ ﴾ جعل الاهتداء مقروناً بطاعته.
﴿ وَمَا عَلَى الرسول إِلاَّ البلاغ ﴾ أي التبليغ ﴿ المبين ﴾. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٣ صـ ﴾