وقال أبو حيان :
﴿ وَأَقْسَمُواْ بالله ﴾
ولما بلغ المنافقين ما أنزل تعالى فيهم أتوا إلى الرسول ( ﷺ ) وأقسموا إلى آخره أي ﴿ ليخرجن ﴾ عن ديارهم وأموالهم ونسائهم و﴿ لئن أمرتهم ﴾ بالجهاد ﴿ ليخرجن ﴾ إليه وتقدم الكلام في ﴿ جهد أيمانهم ﴾ في الأنعام.
ونهاهم تعالى عن قسمهم لعلمه تعالى أنه ليس حقاً.
﴿ طاعة معروفة ﴾ أي معلومة لا شك فيها ولا يرتاب، كطاعة الخلص من المؤمنين المطابق باطنهم لظاهرهم، لا أيمان تقسموا بها بأفواهكم وقلوبكم على خلافها، أو طاعتكم طاعة معروفة بالقول دون الفعل، أو طاعة معروفة أمثل وأولى بكم من هذه الأيمان الكاذبة قاله الزمخشري.
وقال ابن عطية : يحتمل معاني.
أحدها : النهي عن القسم الكاذب إذ قد عرف أن طاعتهم دغلة رديئة فكأنه يقول : لا تغالطوا فقد عرف ما أنتم عليه.
والثاني : لا تتكلفوا القسم طاعة معروفة متوسطة على قدر الاستطاعة أمثل وأجدى عليكم، وفي هذا الوجه إبقاء عليهم.
والثالث : لا تقنعوا بالقسم طاعة تعرف منكم وتظهر عليكم هو المطلوب منكم.
والرابع : لا تقنعوا لأنفسكم بإرضائنا بالقسمة طاعة الله معروفة وجهاد عدوه مهيع لائح انتهى.
و﴿ طاعة ﴾ مبتدأ و﴿ معروفة ﴾ صفة والخبر محذوف، أي أمثل وأولى أو خبر مبتدأ محذوف أي أمرنا أو المطلوب ﴿ طاعة معروفة ﴾.
وقال أبو البقاء : ولو قرىء بالنصب لكان جائزاً في العربية وذلك على المصدر أي أطيعوا طاعة انتهى.
وقدراه بالنصب زيد بن عليّ واليزيدي وتقدير بعضهم الرفع على إضمار ولتكن ﴿ طاعة معروفة ﴾ ضعيف لأنه لا يحذف الفعل ويبقى الفاعل، إلاّ إذا كان ثم مشعر به نحو ﴿ رجال ﴾ بعد ﴿ يسبح ﴾ مبنياً للمفعول أي يسبحه رجال، أو يجاب به نفي نحو : بلى زيد لمن قال : ما جاء أحد.
أو استفهام نحو قوله :
ألا هل أتى أم الحويرث مرسل...
بلى خالد إن لم تعقه العوائق
أي أتاها خالد.
﴿ إن الله خبير بما تعملون ﴾ أي مطلع على سرائركم ففاضحكم.


الصفحة التالية
Icon