السادسة : قوله تعالى :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ ﴾ أي في الدخول من غير أن يستأذنوا وإن كنتم متبذّلين.
﴿ طَوَّافُونَ ﴾ بمعنى هم طوافون.
قال الفراء : كقولك في الكلام إنما هم خدمكم وطوافون عليكم.
وأجاز الفراء نصب "طوافين" لأنه نكرة، والمضمر في "عليكم" معرفة.
ولا يجيز البصريون أن يكون حالاً من المضمَرَيْن اللّذَيْن في "عليكم" وفي "بَعْضُكُم" لاختلاف العاملين.
ولا يجوز مررت بزيد ونزلت على عمرو العاقليْن، على النعت لهما.
فمعنى "طَوّافون عليكم" أي يطوفون عليكم وتطوفون عليهم ؛ ومنه " الحديث في الهِرّة :"إنما هي من الطوّافين عليكم أو الطوّافات" " فمنع في الثلاث العورات من دخولهم علينا ؛ لأن حقيقة العَوْرة كل شيء لا مانع دونه، ومنه قوله :﴿ إِنَّ بُيُوتَنَا عَوْرَةٌ ﴾ [ الأحزاب : ١٣ ] أي سهلة للمَدْخَل، فبيّن العلة الموجبة للإذن، وهي الخلوة في حال العورة ؛ فتعين امتثاله وتعذر نسخه.
ثم رفع الجُنَاح بقوله :﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ على بَعْضٍ ﴾ أي يطوف بعضكم على بعض.
﴿ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ الله لَكُمُ الآيات ﴾ الكاف في موضع نصب ؛ أي يبيّن الله لكم آياته الدالة على متعبّداته بياناً مثل ما يبيّن لكم هذه الأشياء.
﴿ والله عَلِيمٌ حَكِيمٌ ﴾ تقدم.
السابعة : قوله تعالى :﴿ وَمِن بَعْدِ صَلاَةِ العشآء ﴾ يريد العتمة.
وفي صحيح مسلم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال : سمعت رسول الله ﷺ يقول :
" لا تَغْلِبَنّكم الأعراب على اسم صلاتكم ألاَ إنّها العِشاء وهُمْ يعتِمون بالإِبل " وفي رواية " فإنها في كتاب الله العِشاءُ وإنها تُعْتِم بِحِلاب الإبل " وفي البخاري عن أبي بَرْزة : كان النبيّ ﷺ يؤخّر العشاء.
وقال أنس : أخّر النبيّ ﷺ العشاء.