﴿ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلاَ عَلَيْهِمْ ﴾ أي على المماليكِ والصِّبيانِ ﴿ جُنَاحٌ ﴾ أي إثمٌ في الدُّخولِ بغيرِ استئذانٍ لعدمِ ما يُوجبه من مخالفةِ الأمرِ والاطِّلاعِ على العوراتِ ﴿ بَعْدَهُنَّ ﴾ أي بعد كلِّ واحدةٍ من تلك العوراتِ الثَّلاثِ وهي الأوقاتُ المتخلِّلةُ بين كلِّ اثنتينِ منهنَّ وإيرادُها بعُنوان البعديَّةِ مع أنَّ كلَّ وقتٍ من تلكَ الأوقاتِ قبل عورةٍ من العَورات كما أنَّها بعد أخرى منهنَّ لتوفيةِ حقِّ التَّكليفِ والتَّرخيصِ الذي هو عبارةٌ عن رفعه إذ الرُّخصةُ إنَّما تتصور في فعل يقعُ بعد زمان وقوعِ الفعلِ المكلَّف، والجملة على القراءتينِ مستأنفةٌ مسوقة لتقرير ما قبلها بالطَّردِ والعكس وقد جُوِّز على القراءة الأولى كونُها في محلِّ رفعٍ على أنَّها صفة أخرى لثلاثُ عوراتٍ وأمَّا على القراءة الثَّانيةِ فهي مستأنفةٌ لا غير إذ لو جُعلت صفةً لثلاثُ عورات وهي بدلٌ من ثلاثَ مرَّاتٍ لكانَ التَّقديرُ ليستأذنكم هؤلاءِ في ثلاث عورات لا إثمَ في ترك الاستئذانِ بعدهنَّ وحيثُ كان انتفاءُ الإثمِ حينئذٍ ممَّا لم يعلمه السَّامعُ إلا بهذا الكلامِ لم يتسنَّ إبرازُه في معرض الصِّفةِ بخلافِ قراءة الرَّفع فإنَّ انتفاءَ الإثمِ حينئذٍ معلومٌ من صدر الكلام وقوله تعالى :﴿ طوافون عَلَيْكُمْ ﴾ استئنافٌ ببيان العذر المرخَّص في ترك الاستئذان وهي المخالطةُ الضَّروريةُ وكثرةُ المداخلةِ وفيه دليلٌ على تعليل الأحكامِ وكذا في الفرق بين الأوقات الثَّلاثةِ وبين غيرِها بكونها عَورات.