وقال القرطبى :
﴿ وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا ﴾
قرأ الحسن "الحُلْم" فحذف الضمة لثقلها.
والمعنى : أن الأطفال أمروا بالاستئذان في الأوقات الثلاثة المذكورة ؛ وأبيح لهم الأمر في غير ذلك كما ذكرنا.
ثم أمر الله تعالى في هذه الآية أن يكونوا إذا بلغوا الحلم على حكم الرجال في الاستئذان في كل وقت.
وهذا بيان من الله عز وجل لأحكامه وإيضاح حلاله وحرامه، وقال :﴿ فَلْيَسْتَأْذِنُواْ ﴾ ولم يقل فليستأذنوكم.
وقال في الأولى "لِيَسْتَأْذِنْكُم" لأن الأطفال غير مخاطبين ولا متعبَّدين.
وقال ابن جُريج : قلت لعطاء :"وإذا بلغ الأطفال منكم الحلم فليستأذنوا" قال : واجب على الناس أن يستأذنوا إذا احتلموا، أحراراً كانوا أو عبيداً.
وقال أبو إسحاق الفَزَارِيّ : قلت للأوزاعِيّ ما حدّ الطفل الذي يستأذن؟ قال : أربع سنين، قال : لا يدخل على امرأة حتى يستأذن.
وقال الزهريّ : أي يستأذن الرجل على أمّه ؛ وفي هذا المعنى نزلت هذه الآية.
﴿ وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ ﴾
فيه خمس مسائل :
الأولى : قوله تعالى :﴿ والقواعد مِنَ النسآء ﴾ القواعد واحدتها قاعد، بلا هاء ؛ ليدلّ حذفها على أنه قعود الكِبَر، كما قالوا : امرأة حامل ؛ ليدلّ بحذف الهاء أنه حمل حَبَل.
قال الشاعر :
فلو أنّ ما في بطنه بين نِسوَةٍ...
حَبِلْن وإن كنّ القواعدُ عُقرَا
وقالوا في غير ذلك : قاعدة في بيتها، وحاملة على ظهرها، بالهاء.
والقواعد أيضاً : أساس البيت ؛ واحده قاعدة، بالهاء.
الثانية : القواعد : العُجّز اللواتي قعدن عن التصرف من السنّ، وقعدن عن الولد والمحيض ؛ هذا قول أكثر العلماء.
قال ربيعة : هي التي إذا رأيتها تستقذرها من كِبَرِها.


الصفحة التالية
Icon