وقال أبو عبيدة : اللاتي قعدن عن الولد ؛ وليس ذلك بمستقيم، لأن المرأة تقعد عن الولد وفيها مستمتَع ؛ قاله المهدوِيّ.
الثالثة : قوله تعالى :﴿ فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ ﴾ إنما خص القواعد بذلك لانصراف الأنفس عنهن ؛ إذ لا مذهب للرجال فيهن، فأبيح لهن ما لم يبح لغيرهن، وأزيل عنهن كُلْفة التحفظ المتعب لهن.
الرابعة : قرأ ابن مسعود وأبَيّ وابن عباس "أنْ يَضَعْنَ مِنْ ثِيابهن" بزيادة "من".
قال ابن عباس : وهو الجِلْباب.
وروي عن ابن مسعود أيضاً "من جلابيبهن".
والعرب تقول : امرأة واضع، للتي كَبِرت فوضعت خِمارها.
وقال قوم : الكبيرة التي أيِست من النكاح، لو بدا شعرها فلا بأس ؛ فعلى هذا لا يجوز لها وضع الخمار.
والصحيح أنها كالشابة في التستّر ؛ إلا أن الكبيرة تضع الجلباب الذي يكون فوق الدِّرع والخِمار ؛ قاله ابن مسعود وابن جُبير وغيرهما.
الخامسة : قوله تعالى :﴿ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتِ بِزِينَةٍ ﴾ أي غير مظهرات ولا متعرضات بالزينة ليُنْظر إليهن ؛ فإن ذلك من أقبح الأشياء وأبعده عن الحق.
والتبرّج : التكشّف والظهور للعيون ؛ ومنه : بروج مشيّدة.
وبروج السماء والأسوار ؛ أي لا حائل دونها يسترها.
وقيل لعائشة رضي الله عنها : يا أمّ المؤمنين، ما تقولين في الخِضاب والصِّباغ والتمائم والقُرْطين والخَلْخال وخاتم الذهب ورقاق الثياب؟ فقالت : يا معشر النساء، قصتكنّ قصةُ امرأة واحدة، أحلّ الله لكن الزينة غير متبرجات لمن لا يحل لكن أن يروْا منكن مُحَرَّماً.
وقال عطاء : هذا في بيوتهن، فإذا خرجت فلا يحل لها وضع الجلباب.
وعلى هذا "غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ" غير خارجات من بيوتهن.
وعلى هذا يلزم أن يقال : إذا كانت في بيتها فلا بد لها من جلباب فوق الدِّرع، وهذا بعيد، إلا إذا دخل عليها أجنبي.


الصفحة التالية
Icon