وهذا يحتمل أنهم حينما يسحبون على وجوههم يصيبهم ذلك، ويحتمل أنهم ينكسون نكسا فتكون رؤوسهم التي فيها وجوههم مما يلي الأرض، والأول أولى لموافقته ظاهر القرآن ولهذا البحث صلة بتفسير الآية ٩٧ من سورة الإسراء الآتية.
ثم شرع يقصّ على رسوله أخبار من تقدم من الرسل، وما لا قوه من أقوامهم ليهون عليه ما يرى
من قومه تسلية له فقال "وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ" المعهود وهو التوراة "وَجَعَلْنا مَعَهُ أَخاهُ هارُونَ وَزِيراً" ٣٥ معينا له لأن الوزير من يؤازر غيره ويعينه على تنفيذ ما يريده، وإن الشريعة خاصة لموسى بدليل تخصيصه بالكتاب، وهرون تابع له فيها اتباع الوزير لسلطانه، "فَقُلْنَا اذْهَبا إِلَى الْقَوْمِ" القبط الذين يرأسهم فرعون "الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا" التسع العظام وغيرها وأرشدهم إلى طريقنا فذهبا، ولم يجد معهم إرشادهما نفعا وكذبوهما "فَدَمَّرْناهُمْ تَدْمِيراً" ٣٦ إهلاكا هائلا
عجيبا لا يدرك كنهه البشر "وَقَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ" قبله وهم إدريس وشيث وأتباعهم المؤمنين ثم كذبوا نوحا أيضا، ولهذا جاء بلفظ الجمع إيذانا بأن من كذب رسولا واحدا فكأنما كذب الرسل كلها، وهو كذلك، ولهذا فلا مقال على مجيء الآية بلفظ الجمع بسبب أن المذكور واحد "أَغْرَقْناهُمْ وَجَعَلْناهُمْ لِلنَّاسِ آيَةً" عظيمة ليعتبروا بها هم ومن بعدهم "وَأَعْتَدْنا" هيأنا "لِلظَّالِمِينَ" منهم في الآخرة "عَذاباً أَلِيماً" ٣٧ مبرحا شديدا غير عذاب الدنيا، وإنما وصفه بالأليم لأن عذابه لا يقادر قدره في الشدة، أجارنا اللّه منه "وَعاداً" قوم هود "وَثَمُودَ" قوم صالح "وَأَصْحابَ الرَّسِّ" قوم شعيب أهلكناهم كلهم لمخالفتهم أو أمرنا وعدم انقيادهم لرسلنا وإصرارهم على الكفر.