وقال الشيخ سيد قطب :
مقدمة سورة الفرقان
هذه السورة المكية تبدو كلها وكأنها إيناس لرسول الله ( ﷺ ) وتسرية، وتطمين له وتقوية وهو يواجه مشركي قريش، وعنادهم له، وتطاولهم عليه، وتعنتهم معه، وجدالهم بالباطل، ووقوفهم في وجه الهدي وصدهم عنه.
فهي في لمحة منها تصور الإيناس اللطيف الذي يحيط به الله عبده ورسوله ; وكأنما يمسح على آلامه ومتاعبه مسحا رفيقا ; ويهدهد قلبه، ويفيض عليه من الثقة والطمأنينة، وينسم عليه من أنسام الرعاية واللطف والمودة.
وهي في اللمحة الأخرى تصور المعركة العنيفة مع البشرية الضالة الجاحدة المشاقة لله ورسوله، وهي تجادل في عنف، وتشرد في جموح، وتتطاول في قحة، وتتعنت في عناد، وتجنح عن الهدى الواضح الناطق المبين.
إنها البشرية التي تقول عن هذا القرآن العظيم: (إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون).. أو تقول: (أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا)والتي تقول عن محمد رسول الله الكريم: (إن تتبعون إلا رجلا مسحورا).. أو تقول في استهزاء: (أهذا الذي بعث الله رسولا ؟).. والتي لا تكتفي بهذا الضلال، فإذا هي تتطاول في فجور على ربها الكبير:(وإذا قيل لهم: اسجدوا للرحمن قالوا: وما الرحمن ؟ أنسجد لما تأمرنا ؟ وزادهم نفورا). أو تتعنت فتقول: لولا أنزل علينا الملائكة أو نرى ربنا ؟.