فتفروا منه وقالوا ما قالوا قال تعالى "انْظُرْ كَيْفَ ضَرَبُوا لَكَ الْأَمْثالَ" التي لا علاقه لها بالرسالة ولا فائدة لهم بها فضلا عن أنها غير معقولة "فَضَلُّوا" بها طريق الهدى ومنهج الصواب "فَلا يَسْتَطِيعُونَ سَبِيلًا" ٩ يخرجون منه لضعف حجتهم، ولا يقدرون أن يستدلّوا بدليل على ما قالوه وان ما وصموك به لا حجه لهم به ولا برهان كما انهم لا طريق لهم للرشد فلا يؤمنوا بما انزل إليك ولا يقدرون على مباراتك، وإنا نعلم قولهم هذا كما نعلم جوابك لهم القاطع لقلوبهم قبل أن تقوله لهم "تَبارَكَ الَّذِي إِنْ شاءَ جَعَلَ لَكَ" يا سيد الرسل "خَيْراً مِنْ ذلِكَ" الذي عرضه عليك قومك وخيرا مما اقترحوه عليك وكلفوك بقبوله "جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ" دائمة مستمرة في جنان الدنيا والآخرة، لا جنة فانية مثل جنان هذه الدار "وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً" ١٠ بديعة من صنعه لا من صنع خلقه، عظيمة يعجز عن إنشاء مثلها البشر أجمع مثل قصور الآخرة، وهو قادر على أن يجعل لك ذلك كله في الدنيا، ولكن لا يريده لك فيها، بل إنه هيأها لك، خبأها للدار الآخرة، وذلك لعلمه جل علمه أنه صلى اللّه عليه وسلم غير ميّال إلى الدنيا وزخارفها، لذلك قال إن شاء، وإلا لكونها له حال سؤالهم له.
يدل على هذا ما جاء عن أبي أمامة أن النبي صلى اللّه عليه وسلم قال عرض علي ربي ليجعل لي بطحاء مكة ذهبا، قلت لا يا رب، ولكن أشبع يوما وأجوع يوما فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك.
وجاء عن عائشة رضي اللّه عنها قالت قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم : لو شئت "ما كلفني به ربي" لسارت معي جبال مكة ذهبا، جاءني ملك ان حجزته تساوي الكعبة "مقعد