وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ الذين كفروا ﴾
يعني مشركي قريش.
وقال ابن عباس : القائل منهم ذلك النضر بن الحرث ؛ وكذا كلّ ما في القرآن فيه ذكر الأساطير.
قال محمد بن إسحاق : وكان مؤذياً للنبيّ صلى الله عليه وسلم.
﴿ إِنْ هذا ﴾ يعني القرآن.
﴿ إِلاَّ إِفْكٌ افتراه ﴾ أي كذب اختلقه.
﴿ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾ يعني اليهود ؛ قاله مجاهد.
وقال ابن عباس : المراد بقوله :﴿ قَوْمٌ آخَرُونَ ﴾ أبو فُكَيْهة مولى بني الحضرمي وعدّاس وجبر، وكان هؤلاء الثلاثة من أهل الكتاب.
وقد مضى في "النحل" ذكرهم.
﴿ فَقَدْ جَآءُوا ظُلْماً ﴾ أي بظلم.
وقيل : المعنى فقد أتوا ظلماً.
﴿ وَزُوراً وقالوا أَسَاطِيرُ الأولين ﴾ قال الزجاج : واحد الأساطير أسطورة ؛ مثل أحدوثة وأحاديث.
وقال غيره : أساطير جمع أسطار ؛ مثل أقوال وأقاويل.
﴿ اكتتبها ﴾ يعني محمداً.
﴿ فَهِيَ تملى عَلَيْهِ ﴾ أي تلقى عليه وتقرأ.
﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ حتى تحفظ.
و﴿ تملى ﴾ أصله تُملَل ؛ فأبدلت اللام الأخيرة ياء من التضعيف : كقولهم : تَقَضَّى البازي ؛ وشبهه.
قوله تعالى :﴿ قُلْ أَنزَلَهُ الذي يَعْلَمُ السر فِي السماوات والأرض ﴾ أي قل يا محمد أنزل هذا القرآن الذي يعلم السر، فهو عالم الغيب، فلا يحتاج إلى معلم.
وذكر ﴿ السر ﴾ دون الجهر ؛ لأنه من علم السر فهو في الجهر أعلم.
ولو كان القرآن مأخوذاً من أهل الكتاب وغيرهم لما زاد عليها، وقد جاء بفنون تخرج عنها، فليس مأخوذاً منها.
وأيضاً ولو كان مأخوذاً من هؤلاء لتمكن المشركون منه أيضاً كما تمكن محمد ﷺ ؛ فهلا عارضوه فبطل اعتراضهم من كل وجه.
﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ يريد غفوراً لأوليائه رحيماً بهم. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١٣ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon