قال أهل اللغة : كلمة ( الذي ) موضوعة للإشارة إلى الشيء عند محاولة تعريفه بقضية معلومة، وعند هذا يتوجه الإشكال، وهو أن القوم ما كانوا عالمين بأنه سبحانه هو الذي نزل الفرقان فكيف حسن ههنا لفظ ( الذي ) ؟ وجوابه : أنه لما قامت الدلالة على كون القرآن معجزاً ظهر بحسب الدليل كونه من عند الله، فلقوة الدليل وظهوره أجراه سبحانه وتعالى مجرى المعلوم.
المسألة الثالثة :
لا نزاع أن الفرقان هو القرآن وصف بذلك من حيث إنه سبحانه فرق به بين الحق والباطل في نبوة محمد ﷺ وبين الحلال والحرام، أو لأنه فرق في النزول كما قال :﴿وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ﴾ [ الإسراء : ١٠٦ ] وهذا التأويل أقرب لأنه قال :﴿نَزَّلَ الفرقان﴾ ولفظة ( نزل ) تدل على التفريق، وأما لفظة ( أنزل ) فتدل على الجمع، ولذلك قال في سورة آل عمران :﴿نَزَّلَ عَلَيْكَ الكتاب بالحق...
وَأَنزَلَ التوراة والإنجيل﴾
[ آل عمران : ٣ ] واعلم أنه سبحانه وتعالى لما قال أولاً ﴿تبارك﴾ ومعناه كثرة الخير والبركة، ثم ذكر عقبه أمر القرآن دل ذلك على أن القرآن منشأ الخيرات وأعم البركات، لكن القرآن ليس إلا منبعاً للعلوم والمعارف والحكم، فدل هذا على أن العلم أشرف المخلوقات وأعظم الأشياء خيراً وبركة.
المسألة الرابعة :


الصفحة التالية
Icon