قالوا في تفسير قوله تعالى :﴿مُّقَرَّنِينَ فِى الأصفاد﴾ إن أهل النار مع ما هم فيه من العذاب الشديد والضيق الشديد، يكونون مقرنين في السلاسل قرنت أيديهم إلى أعناقهم وقيل يقرن مع كل كافر شيطانه في سلسلة، وفي أرجلهم الأصفاد، ثم إنه سبحانه حكى عن أهل النار أنهم حين ما يشاهدون هذا النوع من العقاب الشديد دعوا ثبوراً، والثبور الهلاك، ودعاؤهم أن يقولوا واثبوراه، أي يقولوا يا ثبور هذا حينك وزمانك، وروى أنس مرفوعاً :" أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على جانبيه ويسحبها من خلفه ذريته وهو يقول يا ثبوراه وينادون يا ثبورهم حتى يردوا النار "
أما قوله :﴿لاَّ تَدْعُواْ اليوم ثُبُوراً واحدا﴾ أي يقال لهم ذلك، وهم أحقاء بأن يقال لهم ذلك وإن لم يكن ثم قول، ومعنى ﴿وادعوا ثُبُوراً كَثِيراً﴾، أنكم وقعتم فيما ليس ثبوركم منه واحداً، إنما هو ثبور كثير، إما لأن العذاب أنواع وألوان لكل نوع منها ثبور لشدته وفظاعته، أو لأنهم كلما نضجت جلودهم بدلوا غيرها، أو لأن ذلك العذاب دائم خالص عن الشوب فلهم في كل وقت من الأوقات التي لا نهاية لها ثبور، أو لأنهم ربما يجدون بسبب ذلك القول نوعاً من الخفة، فإن المعذب إذا صاحب وبكى وجد بسببه نوعاً من الخفة فيزجرون عن ذلك، ويخبرون بأن هذا الثبور سيزداد كل يوم ليزداد حزنهم وغمهم نعوذ بالله منه، قال الكلبي نزل هذا كله في حق أبي جهل والكفار الذين ذكروا تلك الشبهات. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٤ صـ ٤٧ ـ ٥٠﴾