كما بينا أن الظالم غير مخصوص بشخص واحد بل يعم جميع الظلمة فكذا المراد بقوله فلاناً ليس شخصاً واحداً بل كل من أطيع في معصية الله، واستشهد القفال بقوله :﴿وَكَانَ الكافر على رَبّهِ ظَهِيراً﴾ [ الفرقان : ٥٥ ]، ﴿وَيَقُولُ الكافر ياليتنى كُنتُ ترابا﴾ [ النبأ : ٤٠ ] يعني به جماعة الكفار.
المسألة الخامسة :
قرىء ﴿يا ويلتي﴾ بالياء وهو الأصل لأن الرجل ينادي ويلته وهي هلكته يقول لها : تعالى فهذا أوانك، وإنما قلبت الياء ألفاً كما في صحارى و ( عذارى ).
المسألة السادسة :
قوله :﴿عَنِ الذكر﴾ أي عن ذكر الله أو القرآن وموعظة الرسول ويجوز أن يريد نطقه بشهادة الحق ( وغيرته ) على الإسلام والشيطان إشارة إلى خليله سماه شيطاناً لأنه أضله كما يضل الشيطان ثم خذله ولم ينفعه في العاقبة، أو أراد إبليس فإنه هو الذي حمله على أن صار خليلاً لذلك المضل ومخالفة الرسول ثم خذله أو أراد الجنس وكل من تشيطن من الجن والإنس، ويحتمل أن يكون ﴿وَكَانَ الشيطان﴾ حكاية كلام الظالم وأن يكون كلام الله.
﴿ وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا (٣٠) ﴾
اعلم أن الكفار لما أكثروا من الاعتراضات الفاسدة ووجوه التعنت ضاق صدر الرسول ﷺ وشكاهم إلى الله تعالى وقال :﴿الرسول يارب إِنَّ قَوْمِى اتخذوا﴾ وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
أكثر المفسرين أنه قول واقع من الرسول ﷺ وقال أبو مسلم بل المراد أن الرسول عليه السلام يقوله في الآخرة وهو كقوله :﴿فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ على هَؤُلاء شَهِيداً﴾ [ النساء : ٤١ ] والأول أولى لأنه موافق للفظ ولأن ما ذكره الله تعالى من قوله :﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلّ نَبِىّ عَدُوّاً مّنَ المجرمين﴾ [ الفرقان : ٣١ ] تسلية للرسول ﷺ ولا يليق إلا إذا كان وقع ذلك القول منه.


الصفحة التالية
Icon