والثاني :" أن عُقبة دعا قوماً فيهم رسول الله ﷺ لطعام فأكلوا، وأبى رسول الله ﷺ أن يأكل، وقال "لا آكل حتى تَشهد أن لا إِله إِلا الله وأنِّي رسولُ الله"، فشهد بذلك عقبة، فبلغ ذلك أُبيَّ بن خَلَف، وكان خليلاً له، فقال : صبوت يا عقبة؟ فقال : لا والله، ولكنه أبى أن يأكل حتى قلت ذلك، وليس من نفسي، فنزلت هذه الآية "، قاله مجاهد.
والثالث : أن عُقبة كان خليلاً لأُميَّة بن خَلَف، فأسلم عُقبة، فقال أُمية : وجهي من وجهك حرام إِن تابعتَ محمداً، فكفر وارتدَّ لرضى أُميَّة، فنزلت هذه الآية، قاله الشعبي.
فأما الظالم [ المذكور ] هاهنا، فهو الكافر، وفيه قولان.
أحدهما : أنه أُبيُّ بن خَلَف، رواه العوفي عن ابن عباس.
والثاني : عُقبة بن أبي مُعَيط، قاله مجاهد، وسعيد بن جبير، وقتادة.
قال عطاء : يأكل يديه حتى تذهبا إِلى المرفقين، ثم تنبتان، فلا يزال هكذا كلَّما نبتت يده أكلها ندامة على ما فعل.
قوله تعالى :﴿ يا ليتني اتَّخَذْتُ ﴾ الأكثرون يسكِّنون ﴿ يا ليتني ﴾، وأبو عمرو يحرِّكها ؛ قال أبو علي : والأصل التحريك، لأنها بازاء الكاف التي للخطاب، إِلا أن حرف اللِّين تكره فيه الحركة، ولذلك أسكن من أسكن ؛ والمعنى : ليتني اتَّبعتُه فاتَّخذتُ معه طريقاً إلى الهُدى.
قوله تعالى :﴿ ليتني لم أتَّخِذ فلاناً ﴾ في المشار إِليه أربعة أقوال.
أحدها : أنه عنى أُبيَّ بن خَلَف، قاله ابن عباس.
والثاني : عقبة بن أبي مُعَيط، قاله أبو مالك.
والثالث : الشيطان، قاله مجاهد.
والرابع : أُميَّة ابن خَلَف، قاله السدي.
فإن قيل : إِنما يكنى من يخاف المبادأة أو يحتاج إِلى المُداجاة، فما وجه الكناية؟
فالجواب : أنه أراد بالظالم : كلَّ ظالم، وأراد بفلان : كلَّ من أُطيع في معصية وأُرضي بسخط الله، وإِن كانت الآية نزلت في شخص، قاله ابن قتيبة.