قوله تعالى :﴿ لقد أضلَّني عن الذِكْر ﴾ أي : صرفني عن القرآن والإِيمان به ﴿ بعد إِذ جاءني ﴾ مع الرسول، وهاهنا تم الكلام.
ثم قال الله تعالى :﴿ وكان الشَّيطان للانسان ﴾ يعني : الكافر ﴿ خَذُولاً ﴾ يتبرأ [ منه ] في الآخرة.
قوله تعالى :﴿ وقال الرسول ﴾
يعني محمداً ﷺ، وهذا عند كثير من العلماء أنه يقوله يوم القيامة ؛ فالمعنى : ويقول الرسول يومئذ.
وذهب آخرون، منهم مقاتل، إِلى أن الرسول قال ذلك شاكياً من قومه إِلى الله تعالى، حين كذَّبوه.
وقرأ ابن كثير، ونافع، [ وأبو عمرو ] :﴿ إِن قوميَ اتخذوا ﴾ بتحريك الياء ؛ وأسكنها عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي.
وفي المراد بقوله :﴿ مهجوراً ﴾ قولان.
أحدهما : متروكاً لا يلتفتون إِليه ولا يؤمنون به، وهذا معنى قول ابن عباس، ومقاتل.
والثاني : هجَروا فيه، أي : جعلوه كالهذَيان، ومنه يقال : فلان يَهْجُر في منامه، أي : يَهْذِي، قاله ابن قتيبة.
وقال الزجاج : الهُجْر : ما لا يُنتفع به من القول.
قال المفسرون : فعزّاه الله عز وجل، فقال :﴿ وكذلك جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيّ عَدُوّاً ﴾ أي : كما جعلنا لك أعداءً من مشركي قومك، جعلنا لكلِّ نبيّ عدوّاً من كفّار قومه ؛ والمعنى : لا يَكْبُرَنَّ هذا عليك، فلك بالأنبياء أُسوة، ﴿ وكفى بربِّك هادياً ونصيراً ﴾ يمنعك من عدوِك.
قال الزجاج : والباء في قوله ﴿ بربِّكَ ﴾ زائدة ؛ فالمعنى : كفى ربُّك هادياً ونصيراً. أ هـ ﴿زاد المسير حـ ٦ صـ ﴾


الصفحة التالية
Icon