﴿ فَهِىَ تملى عَلَيْهِ ﴾ يعني : تقرأ وتملى عليه ﴿ بُكْرَةً وَأَصِيلاً ﴾ يعني : غدوة وعشية.
قوله عز وجل :﴿ قُلْ ﴾ يا محمد ﴿ أَنزَلَهُ ﴾ يعني : القرآن ﴿ الذى يَعْلَمُ السر فِى السموات والأرض ﴾ يعني : يعلم السِّرَّ والعلانية، ومعناه : لو كان هذا القول من ذات نفسه لعلمه الله تعالى، وإذا علمه عاقبه، كما قال تعالى :﴿ وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الاقاويل لأَخَذْنَا مِنْهُ باليمين ﴾ [ الحاقة : ٤٤، ٤٥ ] ثم قال ﴿ إِنَّهُ كَانَ غَفُوراً رَّحِيماً ﴾ فكأنه يقول : ارجعوا وتوبوا، فإنه كان غفوراً لمن تاب، رحيماً بالمؤمنين.
قوله عز وجل :﴿ وَقَالُواْ مَّالِ هذا الرسول يَأْكُلُ الطعام ﴾ مثل ما نأكل ﴿ وَيَمْشِى فِى الاسواق ﴾ يعني : يتردد في الطريق ﴿ لَوْلا أُنزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً ﴾ يعني : معيناً يخبره بما يراد به من الشر ﴿ أَوْ يلقى إِلَيْهِ كَنْزٌ ﴾ يعني : يعطى له كنز ﴿ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ ﴾ يعني : بستاناً ﴿ يَأْكُلُ مِنْهَا ﴾ أي وذلك أن كفار قريش اجتمعوا في بيت، فبعثوا إلى النبي ﷺ فأتاهم، فقال له العاص بن وائل السهمي وقريش معه : قد تعلم يا محمد أن لا بلاد أضيق من بلادنا ساحة، ولا أقل أنهاراً ولا زرعاً، ولا أشدَّ عيشاً، فادع ربك أن يسير عنا هذه الجبال، حتى يفسح لنا في بلادنا، ثم يفجر لنا فيها أنهاراً، حتى نعرف فضلك عند ذلك.
ونراك تمشي في الأسواق معنا تبتغي من سير العيش، فاسأل ربك أن يجعل لك قصوراً أو جناناً، وليبعث معك ملكاً يصدقك، فنزل حكاية عن قولهم :﴿ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْهَا ﴾ قرأ حمزة والكسائي : نأكل بالنون، وقرأ الباقون بالتاء.
﴿ وَقَالَ الظالمون إِن تَتَّبِعُونَ ﴾ يعني : ما تطيعون يا أصحاب محمد ﴿ إِلاَّ رَجُلاً مَّسْحُورًا ﴾ يعني : مغلوب العقل.


الصفحة التالية
Icon