وقال النسفى :

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

﴿ تبارك ﴾ تفاعل من البركة وهي كثرة الخير وزيادته، ومعنى تبارك الله تزايد خيره وتكاثر أو تزايد عن كل شيء وتعالى عنه في صفاته وأفعاله، وهي كلمة تعظيم لم تستعمل إلا لله وحده والمستعمل منه الماضي فحسب ﴿ الذى نَزَّلَ الفرقان ﴾ هو مصدر فرق بين الشيئين إذا فصل بينهما، وسمي به القرآن لفصله بين الحق والباطل والحلال والحرام، أو لأنه لم ينزل جملة ولكن مفرقاً مفصولاً بين بعضه وبعض في الإنزال ألا ترى إلى قوله :﴿ وَقُرْءانًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى الناس على مُكْثٍ ونزلناه تَنْزِيلاً ﴾ [ الإسراء : ١٠٦ ] ﴿ على عَبْدِهِ ﴾ محمد عليه الصلاة والسلام ﴿ لِيَكُونَ ﴾ العبد أو الفرقان ﴿ للعالمين ﴾ للجن والإنس وعموم الرسالة من خصائصه عليه الصلاة والسلام ﴿ نَذِيراً ﴾ منذراً أي مخوفاً أو إنذاراً كالنكير بمعنى الإنكار ومنه قوله تعالى ﴿ فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِى وَنُذُرِ ﴾ [ القمر : ١٨ ] ﴿ الذى ﴾ رفع على أنه خبر مبتدأ محذوف أو على الإبدال من ﴿ الذي نزل ﴾ وجوز الفصل بين البدل والمبدل منه بقوله ﴿ ليكون ﴾ لأن المبدل منه صلته ﴿ نزل ﴾ وليكون تعليل له فكأن المبدل منه لم يتم إلا به أو نصب على المدح ﴿ لَّهُ مُلْكُ السماوات والأرض ﴾ على الخلوص ﴿ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً ﴾ كما زعم اليهود والنصارى في عزير والمسيح عليهما السلام ﴿ وَلَم يَكُنْ لَّهُ شَرِيكٌ فِى الملك ﴾ كما زعمت الثنوية ﴿ وَخَلَقَ كُلَّ شَىْء ﴾ أي أحدث كل شيء وحده لا كما يقوله المجوس والثنوية من النور والظلمة ويزدان واهرمن.


الصفحة التالية
Icon